خارجية تعرضت لها الأمة الاسلامية من صدر الاسلام إلى عصرنا هذا، سوى الفتنة الغربية. فهي لا تنطبق على الفتن الداخلية في صدر الاسلام وبعده، ولا على فتنة الغزو المغولي، ولا على فتنة الغزو الصليبي في مراحل حملاته التاريخية التي بدأت قبل نحو تسع مئة سنة، وكانت في مد وجزر متباعدين. وانما تنطبق فقط على مرحلته الأخيرة حيث تمكن الغربيون من غزو الأمة غزوا كاملا، ودخلت جيوشهم كل بلادها وأسقطوها صريعة في فتنتهم، وزرعوا في قلبها قاعدة حلفائهم اليهود.
وعن النبي صلى الله عليه وآله قال " والذي نفسي بيده ليلين أمتي قوم، إذا تكلموا قتلوهم، وإن سكتوا استباحوهم. ليستأثرن بفيئهم، وليطأن حرماتهم، وليسفكن دماءهم، وليملان قلوبهم دغلا ورعبا، فلا تراهم إلا وجلين خائفين مرعوبين.
عندها يجئ قوم من المشرق وقوم من المغرب يلون أمتي، فالويل لضعفاء أمتي منهم، والويل لهم من الله، لا يرحمون صغيرا، ولا يوقرون كبيرا، ولا يتجافون من شئ. جثثهم جثث الآدميين، وقلوبهم قلوب الشياطين " بشارة الاسلام - ص 25، عن روضة الواعظين.
وهذا الحديث الشريف يكشف عن الترابط بين الظلم الداخلي والاستعمار الخارجي، ويجعل السبب في سيطرة الكفار الشرقيين والغربيين على الأمة جور حكامها وظلمهم لشعوبهم المسلمة، وارهابهم وخنقهم لحرياتهم. لان ذلك يجعل الناس ناقمين على حكامهم مشغولين بمصيبتهم بهم عن دفع العدو الخارجي، فيستغل العدو ذلك ويغزو بلادهم بحجة إنقاذهم من ظلم الحكام، كما فعل نابليون في عزوه لمصر، فقد وجه رسالة إلى المصريين عندما اقتربت سفنه من الساحل المصري، يمدح فيها الاسلام ويظهر حبه له وأنه إنما جاء لينقذ المصريين من ظلم المماليك! ثم واصل