" لو حدثتكم بكل ما أعلم ما رقبتم بي الليل " مخطوطة ابن حماد ص 1 - 2، أي لقتلتموني فورا وما انتظرتم بي إلى الليل.
وقد بلغ من اهتمام المسلمين بأخبار الفتن أنها غلبت عند بعضهم أحيانا على أخبار المهدي عليه السلام وظهوره، فعقد لها أصحاب الموسوعات الحديثية أبوابا وفصولا بعنوان " الفتن " أو " الملاحم والفتن " ومعنى الملاحم المعارك أو الاحداث المهمة التي أخبر النبي صلى الله عليه وآله بوقوعها.
كما ألف عدد من الرواة والعلماء مؤلفات خاصة باسم الفتن، والملاحم، وما شابه، جمعوا فيها الأحاديث الواردة فيها.
وتتفاوت الأحاديث الشريفة في تعداد الفتن التي ذكرها النبي صلى الله عليه وآله وحذر الأمة منها، فيذكر عدد منها أنها خمس فتن، ويذكر بعضها أنها أربع أو ست أو سبع وأكثر. ولعل السبب في اختلاف الرواة أو الروايات في عددها أن النبي صلى الله عليه وآله كان في بعض المقامات يعدد الفتن الداخلية ويصفها، وفي بعضها يعدد الفتن الخارجية ويصفها. أو كان يذكر الفتن بحسب أنواعها وتأثيرها على المسلمين.
والذي يهمنا هنا ليس البحث في تعدادها وبدايتها وتطبيقها على تاريخ المسلمين، بل معرفة الفتنة الأخيرة منها، التي يتفق الجميع على أنها تنجلي بظهور المهدي عليه السلام، والتي تنطبق أوصافها وأحداثها الواردة في الأحاديث الشريفة على الفتنة الغربية التي عظم بلاؤها واشتدت وطأتها على شعوب الأمة في مطلع هذا القرن، حيث غزانا الغربيون في عقر ديارنا، وسيطروا على ثرواتنا ومقدراتنا وكل شؤوننا، وشاركهم الأعداء الشرقيون فغزوا قسما من بلادنا، وأزالوا منها كيان الاسلام ومعالمه، وضموها إلى دولتهم. وهذه نماذج من الأحاديث الشريفة.