صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٩٥
الشهادات مجدا.
وهز أعصاب الكوفة في فورة الدعوة إلى الجهاد، تفاؤل عنيف غلب الناس على منازعها، فإذا بالناس يتسابقون إلى صفوفهم بما فيهم العناصر المختلفة التي لا يعهد منها النشاط للدعاوات الخيرة والاعمال الصالحة والمساعي الخالصة لله عز وجل.
فجمع المعسكر إلى جنب أولئك المخلصين من أنصار الحسن سوادا من الناس غير معروفين، وجماعة من أبناء البيوت المرائين، وجمهورا من مدخولي النية الذين لا يتفقون معه في رأي، وربما لا يكونون الا عين عدوه عليه وعلى أصحابه، وآخرين من الضعفاء الرعاديد الذين إذا أكرهوا على القتال اتقوه بالفرار، وربما لم يكن لهم من الامل الا أمل الغنائم " وليس أحد منهم يوافق أحدا في رأي ولا هوى، مختلفون لا نية لهم في خير ولا شر (1) ". - وفيهم إلى ذلك، المشاجرات الحزبية التي ستكون في غدها القريب شجرة الشوك في طريق التجهيزات التي تستدعيها ظروف الحرب.
* * * وتخوف الحسن - منذ اليوم الأول - نتائج هذا التلون المؤسف الذي انتشر في صفوفه، والذي لا يؤمن في عواقبه من الخذلان، وهو ما تشير اليه بعض المصادر (2) صريحا.
فكان ينظر إلى الجماهير المرتجزة بين يديه للحرب، غير واثق بثباتهم معه، ولا مؤمن باخلاصهم لأهدافه.
وتراءت له من وراء هؤلاء (في الكوفة)، الرؤوس ذوات الوجهين التي يئس من اصلاحها الهدى، أمثال الأشعث بن قيس، وعمرو بن حريث

(1) كلمة الحسن نفسه فيما وصف به أهل الكوفة كما يرويها ابن الأثير (ج 3: ص 62).
(2) يراجع شرح النهج (ج 4: ص 14).
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 100 101 ... » »»