صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٩٣
فحدده بثمانية عشر يوما.
ومن هناك حيث بلغ أعالي الفرات، رفع صوته " بالعواء " الذي حاول أن يجعل منه زئيرا وجلجلة، ليخيف الثغور الآمنة المطمئنة، ولينبه مرابض الأسود في كوفة الجند فيستدرجها إلى النزال.
ونظر معاوية إلى مصرع علي (عليه السلام)، كأحسن فرصة للاجراءات الحاسمة بين الكوفة والشام. وكان ذلك هو القرار الأخير الذي تم عليه الاتفاق بينه وبين مشاوريه، الذين كانوا يتحلقون حوله ليل نهار، وينظمون معه حركة المعارضة للخلافة الهاشمية، بحنكة تشبه الدهاء، أمثال المغيرة بن شعبة، وعمرو بن العاص، ومروان بن الحكم، والوليد بن عتبة، ويزين بن الحر العبسي، ومسلم بن عقبة، والضحاك بن قيس الفهري.
ونجح معاوية في اختيار الظرف المناسب.
ونجح في خلق الشغب المزعج في كوفة الحسن، بما أولاه من عناية بالغة بشراء الضمائر الرخيصة فيها، وبما بثه من جواسيس يتأبطون في رواحهم ألوان الأكاذيب، ويتزودون في غدوهم الاخبار والمعلومات، عما يجد في الكوفة من تصاميم، وعما يوجد لديها من امكانيات. وكان سلاح معاوية من هذا النوع، أقوى من سلاحه بالرجال والحديد وأشد منهما مضاء وأبعد أثرا.
" واستنفر عشائره وجيوشه، فكتب إلى عماله على النواحي التابعة له، بنسخة واحدة، يقول فيها: " فاقبلوا إلي حين يأتيكم كتابي هذا بجدكم وجهدكم وحسن عدتكم (1).. ".
* * * ومضى الحسن (عليه السلام) - بدوره - على تصميمه في الاستعداد

(1) ابن أبي الحديد (ج 4 ص 13).
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»