صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٨٠
ودل التتبع في مختلف الفترات التاريخية، على أن لانتصار الدين في المجتمع شأنا كبيرا في تدرج الاخلاق. ذلك لان الشعوب تنطبع على غرار قادتها، وتكيف بأهداف قوانينها. ولو لم يكن للدين الا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتنزيه النفس عن الطمع بالمادة، لكفى.
أما هذا النفر من بقايا الجاهلية، فقد كانوا - كغيرهم من دعاة الطبقية - مطبوعين على المحافظة والتمسك بعادات الآباء والجدود والنظم البالية والأوضاع الظالمة. وكانوا من الدين الجديد خصومه الألداء في ابان دعوته، ثم نظروا اليه كوسيلة إلى الدنيا، ابان اعتناقهم له.
وضاعت تحت ظل هذه النوازع أهداف الدين، وخسر المجتمع تدرجه إلى الصلاح المنشود، فإذا بالناس عند مطامع الدنيا " والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معائشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون ".
* * * ولآل محمد (صلى الله عليه وآله) رسالتهم التي لا يتراجعون عنها، لانقاذ الناس لا لنفع أنفسهم، ولإقامة حامية الدين لا إقامة عروشهم، وصيانة المعنويات لا صيانة ذاتياتهم.
فإذا كان معاوية لا يزال يعاند هذه الأهداف ويحارب المنادين بها، ثم يظل منفردا عن المسلمين ببغيه وعدوانه، مأخوذا بشهوة الحكم مأسورا بحب الاستئثار في مشاعره ومذاهبه، فليسر الحسن اليه بالمسلمين، وليحاكمه إلى الله، وكفى بالله حكما.
قال أبو الفرج الأصفهاني: " وكان أول شئ أحدثه الحسن عليه السلام أنه زاد المقاتلة مائة مائة. وقد كان علي عليه السلام فعل ذلك يوم
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 80 81 82 83 84 85 ... » »»