صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٧٣
وكان إلى جنب هذه العناصر العدوة في الكوفة " شيعة الحسن " وهم الأكثر عددا في عاصمة علي عليه السلام، وفي هؤلاء جمهرة من بقايا المهاجرين والأنصار، لحقوا عليا إلى الكوفة، وكان لهم من صحبتهم الرسول صلى الله عليه وآله ما يفرض لهم المكانة الرفيعة في الناس.
وبرهن رجالات الشيعة في الكوفة على اخلاصهم لأهل البيت عليهم السلام، منذ نودي بالحسن للخلافة، ومنذ نادى - بعد خلافته - بالجهاد، وفي سائر ما استقبله من مراحل. ولو قدر لهؤلاء الشيعة أن يكونوا - يومئذ - بمنجاة من دسائس المواطنين الآخرين، لكانوا العدة الكافية لدرء الاخطار التي تعرضت لها الكوفة من الشام، وكان في هذه المجموعة المباركة من الحيوية والقابلية ما لا يستطيع أحد نكرانه، ونعني بالحيوية القابليات التي تهضم المشاكل وتفهمها، وتعطيها الأهمية المطلوبة في حلولها.
وما ظنك بقيس بن سعد بن عبادة الأنصاري وحجر بن عدي الكندي، وعمرو بن الحمق الخزاعي، وسعيد بن قيس الهمداني، وحبيب بن مظاهر الأسدي، وعدي بن حاتم الطائي، والمسيب بن نجية، وزياد بن صعصعة، وآخرين من هذا الطراز.
اما الطوارئ المستعجلة المعاكسة، والأصابع المأجورة الهدامة، فقد كانت تعمل دائما، لتغلب هذه القابليات، ولتغير من هذا التقدير.
* * * ولم يخف على الحسن عليه السلام ما كانت تتمخض عن لياليه الحبالى في الجو المسحور بشتى النزعات، والمتكهرب بشواجر الفتن وألوان الدعوات. وكان لا بد له - وهو في مطلع خلافته - أن يعالن الناس بخطته وأن يصارحهم عن موقفه، وأن يستملي خطته من صميم ظروفه وملابساتها في الداخل والخارج معا.
وكان معاوية هو العدو " الخارج " الذي يشغل بال الكوفة يما يكيده
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 80 ... » »»