صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٨٣
واتبع خطة أبيه معه. وما كان الحسن في ما أحيط به من ظروف، وفي ما مني به من أعداء، الا ممثل أبيه حقا، حتى لكأن قطعة من الزمن كانت من عهد أمير المؤمنين عليه السلام، تأخرت عن حياته فإذا هي عهد ابنه الحسن في الكوفة. وكما كانت الحرب ضرورة لا مفر منها، في عهد الأب الراحل عليه السلام، كانت كذلك ضرورة لا يغني عنها شئ في عهد الابن القائم على الامر.
وكان مما يزين الخلافة الجديدة، أن تزهو في فتوتها بما تملكه من قوة وسلطان، ولن يتم ذلك الا بأن تضرب على أيدي العابثين، لتبعث الهيبة في النفوس، وتشق طريقها إلى الاستقرار لتقبض على نواصي الأمور. فلا عجب إذا جاء كتاب الحسن هذا صريحا في تهديده، شديدا في وعظه، قويا في لغته الآمرة الناهية " واتق الله ودع البغي واحقن دماء المسلمين، فوالله ما لك خير في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به، وادخل في السلم والطاعة ولا تنازع الامر أهله ومن هو أحق به منك.. ".
* * * أما الشعار الأموي في الشام، فقد ظل مغاضبا للخلافة الهاشمية في الكوفة، متنمرا على بيعة الحسن تنمره على بيعة أبيه من قبل. ولم تجد معه الرسائل المناصحة المصارحة، ولا كبحت من جموحه أساليبها الحكيمة وحججها الواضحة.
ونحن إذا تصفحنا ما وصل الينا من رسائل الحسن عليه السلام إلى معاوية، لم نجد فيها كلمة تستغرب من مثله، أو تتجاوز حد الحجة التي تنهض بحقه فيما فرضه الله من مودة أهل البيت عليهم السلام، وفيما سجله " الكتاب " من الحكم بطهارتهم من الرجس، أو لوح اليه من ولايتهم على الناس، وبما صح عن رسول الله صلى الله عليه واله في نصوص الإمامة وتعيين الامام، وبالدعوة - أخيرا - إلى الطاعة وحقن الدماء واطفاء النائرة واصلاح ذات البين.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»