تخضع في أمثال هؤلاء المسلمين للأهداف الشخصية تارة، وللعصبيات أخرى.
وخيل للكثيرين من أولئك الذين تتحكم فيهم الأنانية والنفعية حتى تتجاوز بهم حدود العقيدة، أنهم إذ يبايعون الحسن بالخلافة، انما يتسورون بهذه البيعة إلى اسناد قضاياهم، وارضاء مطامعهم، عن طريق الخلق الثري الواسع، الذي ألفوه في الحسن بن علي منذ عرفوه بين ظهرانيهم، والذي كان يذكرهم - دائما - بخلق جده الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وكانوا يحفظون من صحابة الرسول أن الحسن أشبه آله به خلقا وخلقا.
والواقع انهم فهموا هذا الخلق العظيم على غير حقيقته.
وتسابق على مثل هذا الظن كثير من ذوي المبادئ التي لا تتفق والحسن في رأي ولا عقيدة، فبايعوه راغبين، كما يبايعه المخلصون من المؤمنين. ثم كان هؤلاء - بعد قليل من الزمن - أسرع الناس إلى الهزيمة من ميادينه لا يلوون على شئ، ذلك لأنهم حين عركوا مواطن طمعهم من ليونة الحسن عليه السلام، وجدوها بعد تسلمه الحكم واضطلاعه بالمسؤولية، أعنف من زبر الحديد، حتى ان كلا من أخيه وابن عمه وهما أقرب الناس اليه وأحظاهم منزلة عنده عجز ان يعدل به عن رأي أراده، ثم مضى معتصما برأيه في غير تكلف ولا اكتراث.
ولهذا، فلم يكن عجيبا أن تدب روح المعارضة وئيدة في الجماعات القلقة من هؤلاء الرؤساء والمترئسين في الكوفة، ولم يكن عجيبا ان يعودوا متدرجين إلى سابق سيرتهم مع الامام الراحل الذي " ملأوا قلبه غيظا وجرعوه نغب التهمام إنفاسا "، وهكذا تنشأت - في هذا الوسط الموبوء - الحزبية الناقمة التي لا تعدم لها نصيرا قويا في الخارج. وهكذا انبثقت مع هذه الحزبية المشاكل الداخلية بمختلف ألوانها.
واستغل هذه المرحلة الدقيقة فئات من النفعيين، تمكنوا ان يخلقوا من