صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٧٥
ترى، هل كان بين يديه يومئذ، الا المهرجانات النشيطة التي دلت قبل كل شئ، على عظيم اخلاص المجتمع لخليفته الجديد؟ فما بال الخليفة الجديد لا يرى منهم الا دون ما يرون؟.
انها النظرة البعيدة التي كانت من خصائص الحسن في سلمه وفي حربه وفي صلحه وفي سائر خطواته مع أعدائه ومع أصدقائه.
* * * وعلى أن الموسوعات التاريخية لم تعن بذكر الأمثلة الكثيرة التي يصح اقتباسها كعرض تاريخي عن سياسة الحسن، ولا سيما في الدور الأول من عهده القصير، وهو الدور الذي سبق اعلانه الجهاد في الكوفة، فقد كان لنا من النتف الشوارد التي تسقطناها من سيرته، ما زادنا وثوقا ببراعته السياسية التي لا مجال للريب فيها. فقد اقتاد الوضع المترنح الذي صحب عهده من أوله إلى آخره، قيادته الحكيمة التي لا يمكن أن تفضلها قيادة أخرى لمثل هذا الوضع.
وليكن من أمثلة سياسته في قيادة ظروفه قبل الحرب ما يلي:
1 - أنه وضع لبيعته صيغة خاصة، وقبض يده عما أريد معها من قيود، وأرادها هو على السمع والطاعة والحرب لمن حارب والسلم لمن سالم. فكان عند ظن المعجبين ببلاغته الإدارية، بما ذكر الحرب ولوح بالسلم فأرضى الفريقين من أحزاب الكوفة - دعاة الحرب، والمعارضين -. وكان لديه من الوضع العام (في كوفته) ما يكفيه نذيرا لاتخاذ مثل هذه الحيطة الحكيمة لوقت ما.
2 - أنه زاد المقاتلة مائة مائة، وكان ذلك أول شئ أحدثه حين الاستخلاف، فتبعه الخلفاء من بعده عليه (1).

(1) شرح النهج لابن أبي الحديد (ج 4: ص 12).
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 80 81 82 ... » »»