لغة تنبئك عما تكظمه في دخيلتها من غيظ، وعما تحمله في ظاهرتها من تسليم.
وعشا عن أنواره مناوئوه، وعلى أبصارهم غشاوة الذحول. فغفلوا عنه غير منكرين سبقه وجهاده وقرابته وصهره واخوته وعلمه وعبادته، وتصريحات رسول الله صلى الله عليه وآله في شأنه، التي كانوا يستوعبونها يومئذ أكثر مما نستوعبها نحن. ولكنهم نقموا عليه كثرة فضائله هذه، ونقموا عليه شدته في احقاق الحق، ونقموا عليه سيفه الذي خلق منهم أعداء موتورين، منذ كان يصنع الاسلام بهذا السيف في سوح الجهاد المقدس.
ونقموا عليه سنه لأنه كان في العقد الرابع. ولا عجب إذا رأى ذوو الحنكة المسنون، ان لا يكون الخليفة بعد رسول الله مباشرة، الا وهو في العقد السابع مثلا.
وخفي عليهم ان الإمامة في الاسلام دين كالنبوة نفسها، ويجوز فيها ما يجوز في النبوة، ولا يجوز عليها ما لا يجوز على النبوة في عظمتها. فما شأن الاجتهاد بالسن في مقابل النص على التعيين. وما شأن الملاحظات السياسية في مقابل كلمات الله وتصريحات نبيه (ص). وكانت سن علي يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، سن عيسى بن مريم يوم رفعه الله عز وجل، أفيجوز لعيسى ان ينتهي بقصارى نبوته في الأرض إلى هذه السن، ولا يجوز لعلي أن يبتدئ خلافته في ثلاث وثلاثين، وهي السن التي اختارها الله لسكان جنانه يوم القيامة! ولو لم تكن خير سني الانسان لما اختارها الله للمصطفين من عباده في الجنان.
ونقموا عليه قرباه " فكرهوا اجتماع النبوة والخلافة في بيت واحد " ولا نعرف كيف انقلبت الفضيلة - على هذا المنطق - سببا لنقمة. ولا نفهم كيف كانت " القرابة " بموجتها القصيرة، وبما هي أقرب إلى النبي صلى الله عليه وآله حائلا دون الخلافة، ثم هي بموجتها الطويلة، وبما هي