صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٤٣
المباشرة لفصم ذلك التقليد الديني الذي احتاط به رسول الله صلى الله عليه وآله، ليكون حائلا دون أمثال هذه المآسي والاحداث المؤسفة في الاسلام.
وهل كانت " فجائع العترة " الفريدة من نوعها - بالقتل والصلب والسبي والتشريد - الا اثر الخطأة الأولى، التي خولفت بها سياسة النبي (ص) فيما اراده لامته ولعترته، وفيما حفظ به أمته وعترته جميعا، لو انهم أطاعوه فيما أراد.
ولكنهم جهلوا مغزى هذه السياسة البعيدة النظر، فكرهوا اجتماع النبوة والخلافة في بيت واحد، انصهارا بسياسة أخرى.
وكانت هي المعذرة الظاهرة التي لم يجدوا غيرها معذرة يبوحون بها للناس. اما معذرتهم الباطنة، فلا يعلم بها الا العالم ببواطن الأمور وهي على الأكثر لا تعدو الذكريات الدامية في حروب الدعوة الاسلامية، أو الحسد الذي " يأكل الدين كما تأكل النار الحطب " - كما في الحديث الشريف -.
وكان حب الرياسة وشهوة الحكم، شر أدواء الناس وبالا على الناس، وأشدها استفحالا في طباع الأقوياء من زعماء ومتزعمين.
وما النبوة ولا الإمامة بما هما - منصب إلهي - من مجالات السياسة بمعناها المعروف، وكل سياسة في النبوة أو في شئ من ذيولها الإدارية، فهو دين والى الدين. والمرجع الوحيد في كل ذلك، هو صاحب الدين نفسه، وكلمته هي الفصل في الموضوع.
* * * ولكي تتفق معي على مسيس اتصال هذه المناسبة بموضوعنا اتصالا وشيجا، عليك ان تتطلع إلى اللغة المتظلمة الناقمة التي ينكشف عنها الحسن بن علي عليهما السلام في هذا الشأن، بما كتبه إلى معاوية، ابان البيعة له في الكوفة. قال:
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»