صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٤٨
وكان الحسن عليه السلام، إذ ينطوي على هذا الشجى، لا يلبث ان يستروح الامل - أحيانا - بما يجده في صحابة أبيه البهاليل من النجدة والحيوية والمفاداة وشمائل الاخلاص الذي لا تشوبه شائبة طمع في دنيا، ولا شائبة هوى في سياسة.
ومن هؤلاء، القواد العسكريون، والخطباء المفوهون. والفقهاء والقراء والصفوة الباقية من بناة الاسلام. كانوا - بجدارة - العدة التي يستند عليها أمير المؤمنين، في حربه وسلمه. وكانوا - بحق - دعامة العهد الهاشمي فيما تعرض له هذا العهد، من زلازل وزعازع واخطار.
وكانوا المسلمين الذين وفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله، فيما واثقوه عليه في ذريته، بأن يمنعوهم بما يمنعون به أنفسهم وذراريهم. فلم لا يستروح الحسن بهم روائح الامل لقضية أبيه، بل لقضية نفسه.
وكانوا المؤمنين الذين آمنوا بكلمات الله في أهل بيت نبيهم وذوي قرباه وآمنوا بوصي نبيهم، وبمراتبه التي رتبها الله له أو رتبه لها. وفهموا عليا كما يجب أن يفهم. وعلي هو ذلك البطل الذي لم يحلم المسلمون بعد رسول الله (ص) بمثله، اخلاصا في الحق، وتفاديا في الاسلام، ونصحا للمسلمين، واستقامة على العدل، واتساعا في العلم. ولن ينقص عليا في كبرياء معانيه، جحود الآخرين فضائله ومميزاته، ولهؤلاء الآخرين من مطامعهم وأهوائهم شغل شاغل يملأ فراغ نفوسهم. وما في ملاكات علي عليه السلام متسع للأهواء والمطامع. فليكن هؤلاء - دائما - في الملاكات البعيدة عن علي، وليكونوا في المعسكر الذي يقوم على المساومة بالمال والولايات..
وليكن مع علي زمرته المنخولة تلك، المسلمة اسلامها الصحيح أمثال عمار بن ياسر، وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين، وحذيفة بن اليمان، وعبد الله وعبد الرحمن ابني بديل، ومالك بن الحارث الأشتر، وخباب بن الأرت، ومحمد بن أبي بكر، وأبي الهيثم بن التيهان، وهاشم بن عتبة
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 52 53 54 ... » »»