صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٤٤
" فلما توفي - يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - تنازعت سلطانه العرب، فقالت قريش: نحن قبيلته وأسرته وأولياؤه، ولا يحل لكم ان تنازعونا سلطان محمد وحقه. فرأت العرب ان القول ما قالت قريش وان الحجة في ذلك لهم على من نازعهم في امر محمد. فأنعمت لهم وسلمت إليهم، ثم حاججنا (1) نحن قريشا بمثل ما حاججت به العرب، فلم تنصفنا قريش انصاف العرب لها. انهم أخذوا هذا الامر دون العرب بالانصاف والاحتجاج، فلما صرنا أهل بيت محمد وأولياءه إلى محاجتهم، وطلب النصف منهم، باعونا واستولوا بالاجتماع على ظلمنا ومراغمتنا والعنت منهم لنا. فالموعد الله وهو الولي النصير.
" ولقد كنا تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا، وسلطان بيتنا. وإذ كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الاسلام، أمسكنا عن منازعتهم، مخافة على الدين ان يجد المنافقون والأحزاب في ذلك مغمزا يثلمون به، أو يكون لهم بذلك سبب إلى ما أرادوا من افساده.
" فاليوم فليتعجب المتعجب من توثبك يا معاوية على أمر لست من أهله، لا بفضل في الدين معروف، ولا أثر في الاسلام محمود، وأنت ابن حزب من الأحزاب، وابن أعدى قريش لرسول الله صلى الله عليه وآله، ولكتابه. والله حسيبك فسترد عليه وتعلم لمن عقبى الدار!! " (2).
وهكذا نجد الحسن عليه السلام، يعطف - بالفاء - عجبه من توثب معاوية على تعجبه لتوثب الأولين عليهم في حقهم وسلطان بيتهم. ومن هنا تنبثق مناسبة اتصال قضيته بقضايا الخلائف السابقين، وتنبثق معها مناسبات أخرى. بعضها للأخوين. وبعضها للأبوين. وبعضها للحق العام.

(1) وكان من أفظع النكايات بقضية أهل البيت عليهم السلام، ان تختفي كل هاتيك المحاججات في التاريخ. ثم لا نقف منها الا على النتف الشاردة التي أغفلتها الرقابة العدوة عن غير قصد.. وهنا الذكر قول الشاعر المجدد الحاج عبد الحسين الآزري:
اقرأ بعصرك ما الأهواء تكتبه * * * ينبئك عما جرى في سالف الحقب (2) ابن أبي الحديد (ج 4 ص 12).
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»