صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٢٢
لسانك يا ابن عباس. قال: فتنهانا عن قراءة القرآن؟ قال: لا، قال: فتنهانا عن تأويله؟ قال: نعم، قال: فنقرأه ولا نسأل عما عنى الله به؟ قال: نعم، قال: فأيهما أوجب علينا قراءته أو العمل به؟ قال: العمل به، قال: فكيف نعمل به حتى نعلم ما عنى الله بما أنزل علينا؟ قال: سل عن ذلك من يتأوله على غير ما تتأوله أنت وأهل بيتك، قال: انما أنزل القرآن على أهل بيتي فأسأل عنه آل أبي سفيان وآل أبي معيط؟! قال: فاقرأوا القرآن ولا ترووا شيئا مما أنزل الله فيكم ومما قال رسول الله، وارووا ما سوى ذلك! قال ابن عباس: قال الله تعالى: يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله الا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. قال معاوية: يا ابن عباس اكفني نفسك وكف عني لسانك، وان كنت لابد فاعلا فليكن سرا ولا تسمعه أحدا علانية! - ثم رجع إلى منزله واشتد البلاء بالأمصار كلها على شيعة علي وأهل بيته، وكان أشد الناس بلية أهل الكوفة لكثرة من بها من الشيعة، واستعمل عليها زيادا، وجمع له العراقين، وكان يتتبع الشيعة وهو بهم عالم، لأنه كان منهم، فقتلهم تحت كل كوكب، وتحت كل حجر ومدر وأحلأهم وأخافهم، وقطع الأيدي والأرجل منهم، وصلبهم على جذوع النخل، وسمل أعينهم، وطردهم وشردهم، وكتب معاوية إلى قضاته وولاته في الأمصار أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي الذين يروون فضله ويتحدثون بمناقبه شهادة!! وكتب إلى عماله، انظروا من قبلكم من شيعة عثمان الذين يروون فضله ويتحدثون بمناقبه فأكرموهم وشرفوهم، واكتبوا إلي بما يروي كل واحد منهم فيه باسمه واسم أبيه، وبعث إليهم بالصلات والكسا، وأكثر القطائع للعرب والموالي فكثروا، وتنافسوا في المنازل والضياع، واتسعت عليهم الدنيا، ثم كتب إلى عماله: ان الحديث قد كثر في عثمان فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوهم إلى الرواية في أبي بكر وعمر، فقرأ كل قاض وأمير كتابه على الناس، وأخذ الناس في الروايات فيهم وفي مناقبهم، ثم كتب نسخة جمع فيها جميع ما روي فيهم من المناقب، وأنفذها إلى عماله، وأمرهم بقراءتها على المنابر. وفي كل
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»