صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٢٠
كانت السياسة الأموية التي وضعها معاوية ثم تبعه عليها الامراء الأمويون من بعده، هي أن يخلقوا من أنفسهم سادة يستأثرون بكل محمدة في الناس، فما الكرم ولا الحلم ولا الدهاء ولا الشجاعة ولا الفصاحة الا بعض هباتهم الخاصة التي احتجزوها من دون الناس جميعا، وقد وضعوا في سبيل تركيز هذه السياسة المتعمدة، التاريخ الزائف الذي ظل يفيض بسلسلة من الأحاديث الموضوعة، والقصص المصطنع، والأكاذيب المنوعة، والادعاء الفارغ، وأمروا الوعاظ المأجورين، ومعلمي الكتاتيب في سائر بلدان المملكة الاسلامية، بدراسة الأمالي الأموية بما فيها من مدح زائف أو قدح كاذب، وعملوا كل ما كان بوسعهم أن يعملوه ليثيروا في قلوب الناشئة من أولاد الناس الغرور بحبهم، والانقياد المطلق لدهائهم، فإذا بهذه الناشئة بعد لأي جنود لامية يتخاصمون بدمائهم البريئة لأهدافها، وإذا بسيول الدماء تصبغ بقاع الأرض لتستقيم صفوف الخدم والحشم والوكلاء والمقدمين في بلاد الأسياد المتغلبين.
ولم يكن ثمة هدف آخر غير هدف الاستئثار بالسيادة والملك والثراء واللذات الدنيوية الرخيصة، وهو ما كان يضيق به المعنيون بدينهم من آل محمد صلى الله عليه وآله، ومن المسلمين الثابتين على الاخلاص لله في إسلاميتهم، ومن هنا كان مبعث الشقاق المتواصل الحلقات بين هذه الطبقة من أموية الاسلام، وتلك الفئة من حملة تراث الاسلام ودعاته المخلصين.
جاء في تاريخ الطبري (ج 7 ص 104) استطراد مقتضب يرفعه إلى زيد بن أنس عن الوضع العام الذي كان يرزح تحته معاشر الشيعة في أيام معاوية، وكان فيما يقوله أحدهم وهو يخاطبهم: " انكم كنتم تقتلون
(٣٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 320 321 322 323 324 325 ... » »»