هاتيك القضايا التي لعبت الأهواء في التحدث عنها وضعا ورفعا وجمعا وتفريقا، وفقدت تحت تأثير هذا التلاعب المؤسف الذي لم يكن كله مقصودا، كما لم يكن كله غير مقصود، روعة واقعها الأول. وكان من طبيعة هذا الوضع أن تختلف عليه الافهام، ويكثر حوله النقض والابرام. وما هي الا كنموذج واحد من قضايا كثيرة في تاريخ الاسلام ظلمها التاريخ وجللها بالظلام.
وانهم ليعرفون، وهم يؤرخون الحسن، مكانة الحسن في التاريخ ويعلمون أنهم انما يكتبون عن " أحد الأحدين " في العالم الاسلامي كله.
فكيف بهم إذا جاوزوا فيما يؤرخون مثل هذه النقطة المركزة، إلى نقاط لا تبلغ في موضوعها خطورة امام؟.
لذلك يجب أن لا نطمع في موضوع [معاوية وزعماء الشيعة] بالحصول على الحقائق الكافية التي تملأ نهم البحث، ولا بالوقوف على الاحصاءات الصحيحة التي تسد نطاق الموضوع، بما يتناسب وحديث المدائني، وتفاصيل سليم بن قيس.
ذلك لأن كل شئ من هذا القبيل، وكل شئ من تاريخ الشيعة الصحيح، قد طغت عليه التصرفات المعارضة، وأكلته الأكاذيب المأجورة على طول التاريخ.
وليس لنا الآن، الا أن نعود فنتسقط الاخبار من هنا ومن هنالك لنعرض شيئا له صورته التاريخية التي نعتقد أنها - على فظاعتها - قليل من كثير، وبعض من كل.
واليك الآن القائمة المحزونة التي تحمل أسماء هؤلاء بما فيهم من صحابة وتابعين، ولندرس على ضوء هذه القائمة جواب معاوية على الشرط الخامس من شروط معاهدة الصلح. ثم لنتدرج مع فقرات هذا الشرط فيما نأتي عليه من فصول.
أ - الشهداء المقتولون صبرا..
(1 - حجر بن عدي الكندي) يعرف بحجر الخير، ويكنى بأبي عبد الرحمن بن عدي بن الحرث بن عمرو بن حجر المقلب بآكل المرار [ملك الكنديين]. وقيل هو ابن عدي بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين من كندة (1)، ومن ذؤابتها العليا.
صحابي من أعيان أصحاب علي وابنه الحسن عليهما السلام، وسيد من سادات المسلمين في الكوفة ومن أبدالها.
وفد هو وأخوه هانئ بن عدي على النبي صلى الله عليه وآله، قال في الاستيعاب: " كان حجر من فضلاء الصحابة، وصغر سنه عن كبارهم "، وذكره بمثل ذلك في أسد الغابة، ووصفه الحاكم في المستدرك بأنه: " راهب