صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٢٣
كورة، وفي كل مسجد، وأمرهم أن ينفذوا إلى معلمي الكتاتيب أن يعلموها صبيانهم حتى يرووها ويتعلموها كما يتعلمون القرآن حتى علموها بناتهم ونساءهم وخدمهم - ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة: (انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب عليا وأهل بيته فامحوه من الديوان)، ثم كتب كتابا آخر: (من اتهمتموه ولم تقم عليه بينة فاقتلوه!!) فقتلوهم على التهم والظن والشبه تحت كل كوكب، حتى لقد كان الرجل يسقط بالكلمة فتضرب عنقه!!. وجعل الامر لا يزداد الا شدة، وكثر عددهم، وأظهروا أحاديثهم الكاذبة فنشأ الناس على ذلك، لا يتعلمون الا منهم. وكان أعظم الناس في ذلك القراء المراؤون المتصنعون الذين يظهرون الحزن والخشوع والنسك ويكذبون، ليحظوا عند ولاتهم، ويصيبوا بذلك الأموال والقطائع والمنازل. حتى صارت أحاديثهم في أيدي من يحسب انها حق فرووها وعلموها. وصارت في أيدي المتدينين الذين لا يستحلون الكذب، فقبلوها وهم يرون أنها حق، ولو علموا انها باطل لم يرووها ولم يتدينوا بها، فلما مات الحسن بن علي عليه السلام. لم تزل الفتنة والبلاء يعظمان ويشتدان ".
أقول: وروى مثل ذلك بكامله أبو الحسن المدائني فيما أخذه عنه ابن أبي الحديد (ج 3 ص 15 - 16) وقال في آخره:
" فلم يزل الامر كذلك حتى مات الحسن بن علي عليه السلام، فازداد البلاء والفتنة فلم يبق أحد من هذا القبيل الا وهو خائف على دمه أو طريد في الأرض ".
وكان هذا أسلوبا من الحوادث تستسيغه المحاكمة في ظروف الفريقين، ويصدقه التناسق التاريخي في تسلسل الاحداث. ولا يضيره اغفال المؤرخين الآخرين لأنهم - ولنعذرهم - انما كانوا يكتبون للسياسة القائمة، أو لما لا يضيرها على الأقل.
وتقدم أن الطبري والمسعودي ألمحا إلى كل ذلك باختصار. وعلى
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 320 321 322 323 324 325 326 327 329 ... » »»