صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٢٦
وبهتان منتشر، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة، وكان أعظم الناس في ذلك بلية القراء المراؤون، والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ويقربوا مجلسهم، ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل، حتى انتقلت تلك الاخبار والأحاديث إلى أيدي الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان فقبلوها ورووها، وهم يظنون انها حق، ولو علموا انها باطلة لما رووها ولا تدينوا بها (1) ".
وقال ابن أبي الحديد: " وذكر شيخنا أبو جعفر الإسكافي.. أن معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي عليه السلام، تقتضي الطعن فيه والبراءة منه، وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله، فاختلقوا ما أرضاه. منهم أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة. ومن التابعين عروة بن الزبير (2) ".
أقول: وشئ قليل من حيدة في النظر ودقة في الاستنتاج يكفينا للقناعة بألوان التصرفات الكيفية الواسعة النطاق التي نكب بها كل من حديث الاسلام وتاريخ أحداثه معا. حتى لقد يعز على المتتبع في ما جريات الحوادث الاسلامية الأولى ان لا يجد قضية من مهمات القضايا الاسلامية يومئذ سلمت في تناسقها التاريخي من الاصطدام بالمفارقات البعيدة التي تغمرها بالشك، ثم لا تزال تأخذ بها بين التيارات المتعاكسة ذات اليمين وذات الشمال.
ولا حاجة بنا بعد ذلك إلى جمع الشهادات والتصريحات على شيوع الوضع (3) وكثرة الوضاعين، لان خير شهود كل شئ ما كان منه مباشرة.
وكانت قضية الحسن بن علي عليهما السلام بملابساتها وذيولها احدى

(1) و (2) ابن أبي الحديد (ج 3 ص 16) و (ج 1 ص 358).
(3) وللعلامة الأميني النجفي في " كتاب الغدير " (ج 5 من ص 185 إلى 329) بحثه القيم عن الوضاعين الكذابين جمع فيه ستمائة وعشرين كذابا وضاعا ممن سلكهم القوم في رواة الحديث والتاريخ. فليراجع.
(٣٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 329 330 331 332 ... » »»