صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٩٥
في منطق العقلاء، ظفر لامع وفتح مبين.
وكان من أبرز الخطوات التي وفقت إليها خطة الحسن عليه السلام عن طريق الصلح، في سبيل التشهير بمعاوية حيا وميتا، والنكاية ببني أمية اطلاقا.
1 - أنها ألبت على معاوية في بداية عهده الاستقلالي عددا ضخما من الشخصيات البارزة في المملكة الاسلامية.
فلعنه صراحة بعضهم، وخبثه آخر، وقرعه وجاها ثالث بل ثلاثة، وقاطعه رابع، وانكر عليه حتى مات غما من فعاله كبير خامس، وقال فيه أحدهم: " وكان والله غدارا ". وقال الآخر (1): " اربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه منهن الا واحدة لكانت موبقة ". وقابله على مثل ذلك كثير من سادة وسيدات، لسنا الآن بصدد إحصائهم، أو استيعاب كلماتهم.
2 - وخلقت له معارضة الطبقات التي شملتها بنود المعاهدة، سواء في الأمان المفروض فيها، أو في الحقوق المالية المنصوص عليها. فإذا بعالم عظيم من الناس أصبح ينظر إلى معاوية نظره إلى العدو الواتر في النفس والمال، بما نقضه من شروطهم، في نفوسهم وأموالهم.
3 - وظن معاوية أنه سيجعل من نقضه معاهدة الحسن وضعا شكليا لبيعة ابنه يزيد، يتغلب به على عنعنات الاسلام المقررة بين المسلمين في أمر البيعة وصلاحية الخلافة.
ولكنه لم يلبث أن اصطدم بالواقع، فإذا بهذه البيعة الجديدة،

(1) كان الذي لعنه صاحبه سمرة، والذي وصفه بأخبث الناس صديقه المغيرة، وكان الذي قرعه وجاها عائشة وآخرون، والذي قاطعه مالك بن هبيرة السكوني، والذي مات غما من فعاله الربيع بن زياد الحارثي، وكان السادس أبا اسحق السبيعي، والسابع الحسن البصري. ويراجع عن ذلك شرح النهج وابن الأثير ومروج الذهب وغيرها.
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 292 293 294 295 296 297 298 300 301 ... » »»