صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ١٢٦
قال المفيد في الارشاد (169): " وبعث الحسن حجر بن عدي فأمر العمال - يعني امراء الأطراف - بالمسير، واستنفر الناس للجهاد، فتثاقلوا عنه، ثم خفوا، وخف معه أخلاط من الناس، بعضهم شيعة له ولأبيه، وبعضهم محكمة يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة، وبعضهم أصحاب فتن وطمع بالغنائم، وبعضهم شكاك، وبعضهم أصحاب عصبية اتبعوا رؤساء قبائلهم لا يرجعون إلى دين.. (1) ".
أقول: علمنا مما سبق قريبا ان جيش الحسن تألف من زهاء عشرين الفا، أو يزيد قليلا، ولكنا لم نعلم بالتفصيل الطريقة التي اتخذت لتأليف هذا الجيش. والمعتقد انها كانت الطريقة البدائية التي لم تدخلها التحسينات المكتسبة بعد ذلك. وهي - إذ ذاك - الطريقة المتبعة في التجمعات الاسلامية مع القرون الأولى في الاسلام، وهي الطريقة التي لا تشترط لقبول الجندي أو لقبول المجاهد أي قابليات شخصية، ولا سنا خاصة، ولا تنزع في مناهج تجنيدها إلى الاجبار بمعناه المعروف اليوم. وللمسلم القادر على حمل السلاح وازعه الديني حين يسمع داعي الله بالجهاد فاما ان يبعث فيه هذا الوازع، الشعور بالواجب فيتطوع بدمه في سبيل الله. واما ان يكون المغلوب على أمره بدوافع الدنيا، فيخمد في نفسه هذا الشعور، ويحرم نصيبه من الاجر ومن الغنيمة إذا قدر لهذه الحرب الظفر والغنائم.
اما النظم الحديثة المتبعة اليوم في الاجبار على خدمة العلم، ودعوة (مواليد) السنوات المعينة، وفحص القابليات المحدودة، فلم تكن يومئذ

(1) وروى هذا النص الأربلي في كشف الغمة (ص 161) والبحار (ج 10 ص 110).
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 126 127 128 129 130 131 ... » »»