" الحمد الله الفعال لما يشاء، ولا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه يعلم خائنة الأعين، وما تخفى الصدور، وصلاته على نبيه خاتم النبيين وآله الطيبين الطاهرين.
أقول: وأنا على بن موسى بن جعفر: ان أمير المؤمنين عضده الله بالسداد، ووفقه للرشاد عرف من حقنا ما جهله غيره، فوصل أرحاما قطعت وأمن أنفسا فزعت بل أحياها وقد تلفت، وأغناها إذ افترقت، ومبتغيا رضى رب العالمين لا يريد جزاء من غيره، وسيجزي الله الشاكرين، ولا يضيع أجر المحسنين.
وانه جعل إلى عهده، والامرة الكبرى إن بقيت بعده، فمن حل عقدة أمر الله بشدها، وفصم عروة أحب الله ايثاقها، فقد أباح الله حريمه، وأحل محرمه، إذ كان بذلك زاريا على الامام منتهكا حرمة الاسلام، بذلك جرى السالف، فصبر منه على الفلتات ولم يعترض على العزمات، خوفا من شتات الدين، واضطراب حبل المسلمين، ولقرب أمر الجاهلية، ورصد فرصة تنتهز وبايقة تبتدر.
وقد جعلت الله على نفسي ان استرعاني أمر المسلمين وقلدني خلافة العمل فيهم - عامة، وفي بني العباس بن عبد المطلب خاصة - بطاعته وطاعة رسوله (صلى الله عليه وآله)، وأن لا أسفك دما حراما، ولا أبيح فرجا، ولا مالا إلا ما سفكته حدود الله، وأباحته فرائضه، وأن أتخير الكفاة جهدي وطاقتي، وجعلت بذلك على نفسي عهدا مؤكدا، يسألني الله عنه، فإنه عز وجل يقول: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا).
وإن أحدثت أو غيرت أو بدلت كنت للغير مستحقا وللنكال متعرضا، وأعوذ بالله من سخطه، وإليه ارغب في التوفيق لطاعته، والحول بيني وبين معصيته، في عافية لي وللمسلمين.
والجامعة والجفر يدلان على ضد ذلك، وما أدري ما يفعل بي، ولا بكم، إن الحكم إلا لله يقضى بالحق، وهو خير الفاصلين، ولكني امتثلت أمر أمير المؤمنين، وآثرت رضاه والله يعصمني وإياه وأشهدت الله على نفسي بذلك وكفى بالله شهيدا... ".
وكتبت بخطي، وبحضرة أمير المؤمنين أطال الله بقاءه والفضل بن سهل، وسهل بن الفضل، ويحيى بن أكثم وبشر بن المعتمر، وحماد بن النعمان، في شهر رمضان سنة إحدى ومائتين.