حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٤
المحاولات على اقناعه أكثر من شهرين إلا انها لم تجد شيئا وأصر الامام على رفضه وامتناعه عن قبول أي منصب من مناصب الدولة.
ارغام الامام:
ونفذت جميع الطرق الدبلوماسية التي سلكها المأمون لاقناع الإمام (عليه السلام) على قبول ولاية العهد، فرأى أن يسلك طريقا آخر وهو التهديد والتوعيد للامام، فقد بعث إلى الامام فلما مثل عنده جرى حوار بينهما فقال (عليه السلام) له:
" والله ما كذبت منذ خلقني ربي عز وجل، وما زهدت في الدنيا للدنيا، وإني لاعلم ما تريد؟... ".
وسارع المأمون قائلا:
" ما أريد؟... ".
وطلب الامام منه الأمان إن صارحه بالحقيقة قائلا:
" الامام على الصدق؟ ".
" لك الأمان... ".
وبين الامام دوافع المأمون في اصراره على تقليده بولاية العهد قائلا " تريد بذلك أن يقول الناس: ان علي بن موسى لم يزهد في الدنيا، بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة؟... ".
وغضب المأمون وورم أنفه، فصاح بالامام قائلا:
" إنك تتلقاني أبدا بما أكرهه، وقد أمنت سطوتي فبالله أقسم لئن قبلت ولاية العهد، وإلا أجبرتك على ذلك فان فعلت، وإلا وضربت عنقك... " (1).
وانبرى الإمام (عليه السلام) يتضرع إلى الله تعالى ويدعو قائلا:
" اللهم انك قد نهيتني من الالقاء بيدي إلى التهلكة، وقد أكرهت واضطررت، كما أشرفت من قبل عبد الله المأمون على القتل ان لم اقبل ولاية عهده، وقد أكرهت واضطررت كما اضطر يوسف ودانيال (عليهما السلام) إذ قبل كل واحد منهما الولاية من طاغية زمانه.

(1) أمالي الصدوق (ص 43) عيون أخبار الرضا 2 / 140.
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»
الفهرست