حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٣١٠
وقد عهد المأمون لاخذ البيعة من الكوفيين العباس نجل الإمام موسى (عليه السلام)، وأمده إبراهيم بن عبد الحميد بمائة ألف درهم، وقال له: قاتل عن أخيك فإن أهل الكوفة يجيبونك إلى ذلك، وأنا معك، وقام العباس بهذه المهمة فاستجاب له جمهور كبير منهم، وقال له قوم: إن كنت تدعو للمأمون ثم من بعده لأخيك فلا حاجة لنا في دعوتك، وإن كنت تدعو إلى أخيك أو بعض أهل بيتك أو إلى نفسك أجبناك فقال لهم العباس: أنا ادعو إلى المأمون أولا، ثم من بعده لأخي الرضا (1).
وامتنع هؤلاء من البيعة للامام، وأخذوا ينددون بمن بايع، ويدعونهم إلى نكث البيعة، ولما علم إبراهيم بن المهدي تخاذل أهل الكوفة أوعز إلى جيشه المقيم في النيل بقيادة سعيد، وأبي البيط لاخضاع الكوفة، والقضاء على التمرد، وسرت جيوش إبراهيم حتى انتهت إلى (القنطرة) قرب (دير الأعور) فاعترضتهم قوة عسكرية بقيادة العلوية علي بن محمد بن جعفر، وأبي عبد الله شقيق الزعيم الكبير أبي السرايا فالتحمت معها، وأخيرا انتصرت جيوش إبراهيم بن مهدي.
وزحفت جيوش إبراهيم نحو (الكوفة)، وقد ارتدت اللباس الأسود، وكان شعارها " يا منصور لا طاعة للمأمون " وجبن أهل الكوفة من مناجزتهم فأرسلوا وفدا لطلب الأمان للعباس وجماعته من القائد العام لجيش إبراهيم فأجابهم إلى ذلك، وشرط عليهم أن يخرج العباس وأصحابه من الكوفة، واقبل الوفد إلى العباس، وهو لا يعلم بذلك فقالوا له: ان عامة من معك غوغاء، وقد ترى ما يلقى الناس من الحرب والنهب والقتل فاخرج من بين أظهرنا لا حاجة لنا فيك (1).
وخرج العباس من الكوفة وقد انطوت نفسه على حزن عميق وأسى مرير، واستبان له أن أهل الكوفة لا ذمة لهم، ولا وفاء لهم بعهد ووعد ودخلت جيوش إبراهيم الكوفة ولم تحدث اية مصادمات بينها وبين الجماعة التي بايعت الامام بولاية العهد.
هذه بعض المناطق التي اخذت فيها البيعة للإمام الرضا (عليه السلام) بولاية العهد.

(1) تأريخ الطبري.
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 ... » »»
الفهرست