حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٨
في نيسابور:
وطوت قافلة الامام البيداء تجذ في السير، لا تلوي على شئ حتى انتهت إلى (نيسابور) (1) وقد استقبل فيها استقبالا شعبيا منقطع النظير، فلم تشاهد (نيسابور) في جميع تأريخها مثل ذلك الاستقبال وكان في طليعة المستقبلين كبار العلماء والفضلاء ورجال الحديث، وقد رووا عنه الحديث الذهبي الذي سنذكره.
ونزل الإمام (عليه السلام) في محلة الغربي أو الفروي في دار شخص سماه أهل نيسابور (بسندة) وهي كلمة فارسية معناها في العربية (مرضي)، لان الإمام (عليه السلام) ارتضاه من دون الناس فنزل في داره، وزرع الامام في تلك الدار لوزة فنبتت، وصارت شجرة وأثمرت في سنة، ولما علم الناس جعلوا يستشفون بلوزها فمن اصابته علة تبرك بالتناول من لوزها فعوفي ببركة الامام العظيم، وقد قطع بعض أغصانها شخص فعمي، وقطع تلك الشجرة ابن حمدان فأصابه العمى (2).
وكان في (نيسابور) حمام فدخل فيه الإمام (عليه السلام) فاغتسل فيه ثم خرج منه وصلى على ظهره، وأخذ أهالي (نيسابور) يتبركون بذلك الحمام فيغتسلون فيه ويشربون منه التماسا للبركة، ويصلون على ظهره ويدعون الله عز وجل في حوائجهم فتقضى لهم ببركة الامام العظيم (3).
الحديث الذهبي:
وأحاط العلماء ورواة الحديث بالإمام (عليه السلام)، وكان على بغلة شهباء،

(١) نيسابور: قال ياقوت الحموي: نيسابور مدينة عظيمة ذات فضائل جسيمة، معدن الفضلاء، ومنبع العلماء، لم أر فيما طوفت من البلاد كانت مثلها، وقال في مدحها أبو العباس الزوزني المعروف بالمأموني:
ليس في الأرض مثل نيسابور * بلد طيب ورب عفور وقال المرادي: يذم أهلها:
لا تنزلن بنيسابور مغتربا * إلا وحبلك موصول بسلطان أو فلا أدب يجدي ولا حسب * يغني ولا رحمة ترعى لانسان وقد تخرج منها من أئمة العلم ما لا يحصى منهم الحافظ الإمام أبو علي الحسين بن علي بن زيد بن داود بن يزيد النيسابوري الصائغ، معجم البلدان ٥ / 331 - 332.
(2) عيون أخبار الرضا 2 / 133.
(3) عيون أخبار الرضا 2 / 135.
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست