جده الامام أمير المؤمنين باب مدينة علم النبي (ص) ورائد حكمته الذي أقصاه القوم عن منصبه الذي قلده النبي (ص) له في يوم (غدير خم)، وقد عانت الأمة من جراء ذلك ألوانا رهيبة من المأسي والويلات فقد أصبحت الخلافة بأيدي الجناة أمثال معاوية ويزيد ومروان والوليد والمنصور وغيرهم من أئمة الظلم والجور الذين لم يألوا جهدا في ظلم الناس وارغامهم على ما يكرهون.
وأشار الإمام (عليه السلام) بقول: " فصبر منه على الفلتات " إلى قول عمر بن الخطاب الذي وصم بيعة أبي بكر بأنها فلتة وقى الله المسلمين شرها فقد صبر الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) على هذه الفلتة " وفي العين قذى وفي الحلق شجى " - على حد تعبيره - وذلك حرصا منه على كلمة الاسلام من الانهيار ووحدة المسلمين من التصدع، وذلك لقرب المسلمين من الجاهلية، وتربص القوى المعادية للاسلام للفتك والانقضاض عليه إذا حدث انقسام بين صفوف المسلمين الامر الذي دعا الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) للصبر على نهب تراثه.
ثانيا - إن الإمام (عليه السلام) قد قطع على نفسه عهدا مسؤولا عنه أمام الله، وأمام المسلمين أن يسوس الناس سياسة قوامها العدل الخالص، والحق المحض، ويعيد للناس سيرة جده الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، ويختار لجهاز الحكم الأكفاء الصالحين الذين يخشون الله تعالى ويبتغون الدار الآخرة... بكل هذه الأهداف العظيمة سيحققها الامام إذا تقلد خلافة المسلمين.
رابعا - واستشف الإمام (عليه السلام) من وراء الغيب انه لا يتقلد الخلافة، ولا تنعم الأمة في حكمه، فقد قرأ في (الجامعة) و (الجفر) اللذين هما من ودائع النبوة، وفيهما علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ان الخلافة لا تنتهي إلى الإمام (عليه السلام)، وان تقلده لولاية العهد انما هو خداع وتضليل من قبل المأمون.
محتوى كتابة الفضل:
اما ما كتبه الفضل بن سهل على وثيقة ولاية العهد فإنه يشير إلى أن هذه الوثيقة متى أمر المأمون بقراءتها في الجامع النبوي بين الروضة والمنبر الشريف على رؤوس الاشهاد من وجوه الهاشميين، والقوات المسلحة وسائر الناس ليكون ذلك أبلغ في توكيد العهد، ودفع آراء الجاهلين والمغرضين.
هذه بعض محتويات الوثيقة وملحقاتها، وقد كانت صريحة في محتوياتها، وليس