حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٢
وأجابه الامام بجواب حاسم أغاظ المأمون، وورم منه أنفه قائلا له:
" إن كانت هذه الخلافة لك فلا يجوز أن تخلع لباسا ألبسكه الله، وتجعله لغيرك، وان كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز أن تجعل لي ما ليس لك... ".
وأفحم المأمون فقد سد الامام عليه كل نافذة يسلك منها، وراح يقول مهددا للامام:
" لا بد لك من قبول هذا الامر... ".
فاجابه الامام:
" لست أفعل ذلك طائعا أبدا... ".
وبهر ذو الرياستين، وراح يقول:
" واعجبا!! رأيت الميمون أمير المؤمنين يفوض أمر الخلافة إلى الرضا، ورأيت الرضا يقول: لا طاقة لي بذلك، ولا قدرة لي عليه، فما رأيت خلافة قط كانت أضيع منها... ".
لقد كان الإمام (عليه السلام) عالما بزيف هذا العرض، وعدم جديته فالمأمون من الأسرة العباسية الحاقدة على آل البيت (عليهم السلام) فقد ارتكب معهم من المجازر ما لم ترتكبه الأسرة الأموية فقتلوهم في وضح النهار وفي غلس الليل، وقد جهدوا أن لا يبقى علويا على وجه الأرض، والمأمون ليس أقل خبثا، فقد اغتال سيد العلويين الإمام الرضا وقتل غيره من السادة الأطهار، فكيف يثق الامام به.
المبررات المزعومة للمأمون:
أما المبررات المزعومة للمأمون في عرضه للخلافة على الإمام الرضا (عليه السلام) فهي:
1 - انه وجه دعوة إلى الفضل بن سهل والى أخيه الحسن بن سهل فلما مثلا عنده عرض عليهما ما نواه من تقليد الإمام للخلافة فجعل الحسن يعظم ذلك عليه، ويعرفه مضاعفات ذلك، فقال المأمون:
" إني عاهدت الله أن أخرجها - أي الخلافة - إلى أفضل آل أبي طالب إن ظفرت بالمخلوع، وما أعلم أحدا أفضل من هذا الرجل - يعني الإمام الرضا " (1).

(١) مقاتل الطالبيين (ص 562 - 563) الفصول المهمة (ص 241).
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست