إقامة ولده الجواد مقامه:
وأقام الإمام الرضا (عليه السلام) ولده الجواد مقامه وهو ابن سبع سنين أو يزيد على ذلك، وادخله مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) ووضع يده على حافة القبر الشريف والصق ولده بالقبر، واستحفظه عند جده الرسول (ص) وقال له: أمرت جميع وكلائي، وحشمي، بالسمع والطاعة لك، وعرف أصحابه أنه القيم من بعده (1).
إلى بيت الله الحرام:
وقبل أن يتوجه الامام إلى (خراسان)، ويمم وجهه نحو بيت الله الحرام ليودعه الوداع الأخير، وقد صحب معه معظم عائلته، وكان من بينهم ولده الإمام الجواد (عليه السلام)، ولما انتهى إلى بيت الله المعظم أدى التحية فطاف بالبيت وصلى بمقام إبراهيم، وسعى، وطاف معه ولده الإمام الجواد فلما انتهى إلى حجر إسماعيل جلس فيه، وأطال الجلوس فانبرى إليه موفق الخادم، وطلب منه القيام فأبى، وقد بدا عليه الحزن والأسى، فأسرع موفق نحو الإمام الرضا، وأخبره بشأن ولده، وبادر الإمام الرضا ، نحو ولده فطلب منه القيام فاجابه بنبرات مشفوعة بالبكاء والحسرات قائلا:
" كيف أقوم وقد ودعت يا أبتي البيت وداعا لا رجوع بعده؟ ".
لقد رأى الإمام الجواد (عليه السلام) ما بدا على أبيه من الوجل والأسى، فاستشف من ذلك أنه النهاية الأخيرة من حياة أبيه، وفعلا قد تحقق ذلك فان الإمام الرضا لم يعد في سفرته إلى الديار المقدسة، وقضى شهيدا مسموما على يد المأمون العباسي.
إلى خراسان:
وغادر الإمام الرضا (عليه السلام) بيت الله الحرام متوجها إلى خراسان، وقد قوبل بمنتهى الحفاوة والتكريم والاجلال في كل بلد أو حي اجتازه، فقد سارع المسلمين إلى الاحتفاء به، وهم يتبركون بتقبيل يديه، ويعرضون عليه التشرف بضيافته وتقديم الخدمات له، كما يسألونه عن احكام دينهم، وهو (عليه السلام) يجيبهم عن ذلك.