حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٥٤
حقا، وبعضها باطلا، فلو كانت كلها حقا، كانت كلها باطلا من قبل أن بعضها ينقض بعضها، ولو كانت كلها باطلا كان في بطلانها بطلان الدين، ودرس الشريعة (1) فلما بطل الوجهان ثبت الثالث بالاضطرار، وهو ان بعضها حق، وبعضها باطل، فإذا كان كذلك فلا بد من دليل على ما يحق منها، ليعتقد، أو ينفي خلافه فإذا كان دليل الخبر في نفسه حقا كان أولى ما اعتقده، وأخذ به.
وروايتك هذه من الاخبار التي أدلتها باطلة في نفسها، وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحكم الحكماء، وأولى الخلق، بالصدق، وابعد الناس من الامر بالمحال، وحمل الناس على التدين بالخلاف، وذلك أن هذين الرجلين لا يخلو من أن يكونا متفقين من كل جهة كانا واحدا في العدد والصفة والصورة والجسم، وهذا معدوم ان يكون اثنان بمعنى واحد من كل جهة.
وإن كانا مختلفين فكيف يجوز الاقتداء بهما، وهذا تكليف بما لا يطاق لأنك إذا اقتديت بواحد خالفت الآخر، والدليل على اختلافهما، إن أبا بكر سبى أهل الردة، وردهم عمر أحرارا، وأشار عمر بعزل خالد لقتله مالك بن نويرة فأبى أبو بكر عليه، وحرم عمر المتعتين ولم يفعل ذلك أبو بكر ووضع عمر ديوان العطية، ولم يفعله أبو بكر، واستخلف أبو بكر ولم يفعل ذلك عمر، ولهذا نظائر كثيرة... ".
ورد المأمون وثيق للغاية، فقد زيف الحديث، وأثبت أنه من الموضوعات، ولا نصيب له من الصحة.
الدليل الثاني:
وانبرى عالم آخر من علماء الحديث فاستدل على أفضلية الشيخين وتقدمهما على الامام أمير المؤمنين بالحديث المنسوب إلى النبي (ص).
قال:
" ان النبي (ص) قال: لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا... ".
جواب المأمون:
وزيف المأمون هذا الحديث قائلا: هذا مستحيل من قبل أن رواياتكم قد صرحت ان النبي (صلى الله عليه وآله)، آخى بين أصحابه، وأخر عليا

(1) اي إماتة الشريعة.
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست