ب - ولعه بالغناء:
ونشأ هارون بين أحضان المغنيات والمطربات، وقد اجتمع في قصره عدد كبير من العازفات والمغنيات، فكان في قصره ثلاثمائة جارية من الحسان يعزفن ويغنين (1) وقد جعل المغنين طبقات ومراتب، فكان إبراهيم الموصلي وابن جامع وزلزل الضارب في الطبقة الأولى، وكان زلزل يضرب على العود، ويغني الموصلي وابن جامع، والطبقة الثانية: إسحاق وسليم بن سلام وعمرو بن الغزال، والطبقة الثالثة: أصحاب المعازف والطنابر (2).
وهام بحب ثلاث مغنيات من جواريه هن: غادر، وماردة، وهيلانة، وخنث وقال فيهن الشعر ومن قوله:
ملك الثلاث الآنسات عناني * وحللن من قلبي أعز مكاني مالي تطاوعني البرية كلها * وأطيعهن وهن في عصيان ما ذاك إلا ان سلطان الهوى * وبه غلبن أعز من سلطاني (3) وقد عرضنا بصورة مفصلة إلى هذه الظاهرة من حياة الرشيد في كتابنا (حياة الإمام موسى بن جعفر).
ج - لعبه بالنرد:
ومن تحلل هارون وعدم مبالاته باقتراف الحرام لعبه بالنرد (4) وهو من أنواع القمار، وقد لعب مرة مع إسحاق الموصلي بالنرد، وقد قامره على الخلعة التي عليها فغلبه إسحاق، فقام وخلع ما عليه من ثياب فامتنع الرشيد من لبسها وقال له: ويلك أنا البس ثيابك؟ فقال إسحاق: أي والله إذا أنصفت، وإذا لم تنصف قدرت وأمكنك، قال: ويلك أو افتدي منك؟ قال نعم: قال الرشيد: وما الفداء؟ قال إسحاق: قل: أنت يا أمير المؤمنين فإنك أولى بالقوة، فقال: أعطيك كل ما علي، قال إسحاق: فمر به يا أمير المؤمنين فدعا بغير ما عليه من الثياب، ونزع ما كان عليه