وكفاهم أن شعراء قريش قالوا في الجاهلية أشعارا، يهجون بها أمير المؤمنين (عليه السلام)، ويعارضون فيها أشعار المسلمين فحملت أشعارهم، ودونت أخبارهم، ورواها الرواة، مثل الواقدي ووهب بن منبه التميمي، ومثل الكلبي، والشرقي بن القطامي والهيثم بن عدي، ودأب بن الكناني، وان بعض شعراء الشيعة يتكلم في ذكر مناقب الوحي، بل ذكر معجزات النبي (ص) فيقطع لسانه، ويمزق ديوانه، كما فعل بعبد الله بن عمار البرقي؟ وكما أريد بالكميت بن زيد الأسدي، وكما نبش قبر منصور بن الزبرقان النميري، وكما دمر على دعبل بن علي الخزاعي، مع رفقتهم من مروان بن أبي حفصة اليمامي، ومن على بن الجهم الشامي، ليس الا لغلوهما في النصب، واستيحابهما مقت الرب، حتى أن هارون بن الخيزران وجعفر المتوكل على الشيطان لا على الرحمن كانا لا يعطيان مالا، ولا يبذلان نوالا الا لمن شتم آل أبي طالب، ونصر مذهب النواصب مثل عبد الله بن مصعب الزبيري ووهب بن وهب البختري، ومن الشعراء مثل مروان بن أبي حفصة الأموي، فأما في أيام جعفر فمثل بكار بن عبد الله الزبيري، وأبي السمط بن أبي الجون الأموي وابن أبي الشوارب العبشمي.
وعرج بعد هذا الكلام على بني أمية وما اقترفوه من ظلم العلويين ثم أستأنف الكلام عن العباسيين فقال: وما هذا بأعجب من صياح شعراء بني العباس على رؤوسهم بالحق وان كرهوه، وبتفصيل من نقصوه وقتلوه، قال منصور بن الزبرقان على بساط هارون:
آل النبي ومن يحبهم * يتطامنون مخافة القتل أمن النصارى واليهود وهم * من أمة التوحيد في أزل وقال دعبل وهو صنيعة بني العباس وشاعرهم (1).
ألم تر أني مذ ثمانين حجة * أروح وأغدو دائم الحسرات أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات وقال على بن العباس الرومي وهو مولى المعتصم:
تأليت أن لا يبرح المرء منكم * يشل على حر الجبين فيعفج