حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ١٠
كما جعلهم (صلى الله عليه وآله) سفن نجاة هذه الأمة قال: " إنما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، وانما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له " (1).
ووجه المأمون سؤالا لعبد الله بن مطر، وهو من اعلام الفكر والأدب في عمره فقال له:
" ما تقول في أهل البيت؟ ".
فأجابه عبد الله بهذه الكلمة المشرقة قائلا:
" ما قولي: في طينة عجنت بماء الرسالة، وغرست بماء الوحي، هل ينفح منها إلا مسك الهدى، وعنبر التقى.. ".
وملكت هذه الكلمة الذهبية قلب المأمون، وكان الإمام الرضا (عليه السلام) حاضرا في المجلس، فأمر المأمون أن يحشى فم عبد الله لؤلؤا (2).
إن جميع القيم الرفيعة، والمبادئ الأصيلة التي يعتز بها هذا الكائن الحي من بني الانسان كلها ماثلة في أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، فهي من عناصرهم ومن ذاتياتهم.
(2) أما نزعات الإمام الرضا (عليه السلام) وعناصره النفسية فهي كنزعات آبائه الأئمة العظام تجردا عن الدنيا، وزهدا في مباهجها، واعراضا عن زينتها، واقبالا على الله، وانقطاعا إليه، وتمسكا بطاعته، وعلما بأحكام الدين، وإحاطة شاملة بشريعة سيد المرسلين، وعونا للضعفاء، وغوثا للمحرومين، وسعيا لقضاء حاجات المحتاجين، إلى غير ذلك من الصفات الكريمة التي جعلتهم في قمة الشرف والمجد في دنيا العرب والاسلام.
وملك الإمام الرضا (عليه السلام) هذه القيم الأصيلة بجميع صورها وألوانها، فقد تجرد عن الدنيا تجردا كاملا، وطلقها ثلاثا كما طلقها جده الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) فلم يحفل بزينتها ومباهجها، وقد تجلى ذلك - بوضوح - حينما

(١) مجمع الزوائد ٩ / 68: الحلية 4 / 306 تأريخ بغداد 2 / 19.
(2) البحار 12 / 71.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست