وردة الناس إلى الجاهلية الجهلاء.. الأمر الذي لم يكن يرهب الحكام كثيرا، لأن الإسلام الذي يريدون، والدين الذي ينشدون، هو ذلك الذي يستطيعون أن يتسلطوا على الأمة، ويستأثروا بقدراتها وإمكاناتها في ظله. ويمهد لهم السبيل لاستمرارهم في فرض نفوذهم وسيطرتهم، ولو كان ذلك على حساب جميع الشرائع السماوية، وكل المفاهيم الإنسانية.
إن أولئك الحكام. ما كانوا يفكرون إلا في وسائل بقائهم واستمرارهم في الحكم، وإلا في شؤونهم ومصالحهم الخاصة بهم. أما الأمة المسلمة، وأما الإسلام، فلم يكن لهما لديهم أية قيمة، أو شأن يذكر، إلا في حدود ما يستطيعون الإفادة منهما في بقائهم ووجودهم في الحكم والسلطة.
الأئمة في مواجهة مسؤولياتهم:
وفي هذا الوسط الغريب: من غفلة الناس، ومن سيرة الحكام، والمتسمين بالعلماء وسلوكهم.. كان الأئمة عليهم السلام يؤدون واجبهم في نشر تعاليم السماء، ويكافحون، وينافحون عنها، بقدر ما كانت تسمح لهم ظروفهم، التي كانت في ظل سلطان أولئك المنحرفين قاسية إلى حد بعيد.
وأما عن الإمام الرضا بالذات:
وقد سنحت للإمام الرضا (ع) فرصة لفترة وجيزة، كان الحكام منشغلين فيها بأمور تهمهم.. للقيام بواجبه في توعية الأمة، وتعريفها بتعاليم الإسلام. وذلك في الفترة التي تلت وفاة الرشيد، وحتى قتل الأمين. بل نستطيع أن نقول: إنها امتدت - ولو بشكل محدود - حتى وفاة الإمام (ع) في سنة (203). الأمر الذي كان من نتيجته ازدياد