وسعا في الانتقام لنفسه من الإمام (ع)، ومن كل من تصل إليه يده، ممن له به (ع) أية صلة أو رابطة.
هي قضية مصير:
وبأوضح بيان نقول: إنه لم يكن امتناع الإمام (ع) عن قبول ولاية العهد بالذي يثني المأمون عما كان قد عقد العزم عليه، لأن الأسباب التي كانت تدعوه لذلك لم تكن تسمح له أبدا بالإصغاء لهذا الرفض، فهي تحتم عليه أن يفعل ذلك، مهما كلفه الأمر، ومهما كانت النتائج، ولم يكن لديه مانع من تنفيذ تهديداته، ولو علم أنه لا سبيل إلى تنفيذ ما يصبو إليه، والحصول على ما يريد الحصول عليه، والقضية بالنسبة إليه هو المتعطش إلى الحكم والسلطة قضية مصير ومستقبل، لا يمكن المساومة معها، ولا مجال لغض النظر والتساهل فيها..
وإذا كان قد قتل أخاه من أجل الملك وفي سبيله، فأي مانع يمنعه من قتل الرضا (ع) من أجل الملك أيضا، وفي سبيله.. أم يعقل أن يكون الرضا أعز عليه من أخيه، وسائر من قتل من وزرائه هو، وقواده، وأشياعه؟!؟.
ولسوف لا نستغرب على المأمون - بعد قتله أخاه - الإقدام على أي تصرف في سبيل الملك، حتى الإقدام على قتل الرضا (ع)، بعد أن كان أبوه الرشيد قد أملى عليه درس، " الملك عقيم "، وقال له:
" والله، لو نازعتني أنت هذا الأمر، لأخذت الذي فيه عيناك، فإن الملك عقيم.. " (1).