بالمبادئ الإلهية الحقة، فكان على الإمام (ع) أن يقف. ويقوم بواجبه، وينقذ الأمة، ولقد كان ذلك منه بالفعل، فلقد قام بواجبه، وأدى ما عليه، على أكمل وجه، رغم قصر المدة التي عاشها بعد البيعة نسبيا، ولهذا نقرأ في الزيارة الجوادية، ".. السلام على من كسرت له وسادة والده أمير المؤمنين، حتى خصم أهل الكتب، وثبت قواعد الدين.. " (1).
والمراد بذلك: الإمام الرضا (ع).
ولو أنه (ع) رفض ولاية العهد، وعرض نفسه، وشيعته، ومحبيه للهلاك فلسوف لا يكون لموته، وموتهم أدنى أثر في هذا السبيل، بل كان الأثر عكسيا، وخطيرا جدا..
أضف إلى ذلك: أن قبول الإمام بولاية العهد، معناه اعتراف من العباسيين عملا، مضافا إلى القول: بأن العلويين لهم حق في هذا الأمر، بل إنهم هم الأحق فيه، وأن الناس قد ظلموهم حقهم هذا.
وأن ظلم الناس لهم ليس معناه عدم ثبوت ذلك الحق لهم.
وقد رأينا ابن المعتز يهتم في الاستدلال على أن جعل المأمون الرضا وليا للعهد، لا يعني أن الحق في الخلافة كان للرضا والعلويين، دون المأمون والعباسيين. وأنه إنما أعطاهم عن طريق التقوى والورع، وليثبت لهم أن الخلافة التي ثاروا من أجل الوصول إليها وقتلوا أنفسهم في سبيلها لا تساوي عنده جناح بعوضه، فهو يقول:
وأعطاكم المأمون حق خلافة * لنا حقها لكنه جاد بالدنيا ليعلمكم أن الذي قد حرصتم * عليها وغودرتم على أثرها صرعى