الحكم كان أولا وآخرا مع أهواء الناس، ومصالحهم الشخصية..
فهل يمكن مع هذا.. أن لا يتعرض الإمام (ع) لعصيان أصحاب الأهواء - وما أكثرهم - والكيد من قبل الأعداء، الذين سوف يزيد عددهم، وتتضاعف قوتهم. عندما يحاول الإمام (ع) أن يفرض عليهم حكما ما اعتادوه، وسلوكا ما ألفوه؟!..
إن من الواضح: أن الناس وإن كانت قلوبهم معه، إلا أن سيوفهم سوف تنقلب لتصير عليه، كما انقلبت على آبائه وأجداده من قبل، وذلك عندما لا ينسجم مع رغائبهم. وأهوائهم، وانحرافاتهم. حيث إن الإمام (ع) إذا أراد أن يحكم، فلسوف يواجه - بطبيعة الحال - تلك العناصر القوية، ذات النفوذ، وأولئك المستأثرين بكل الأموال والأقطاع، من أصحاب الأطماع، والمصالح الشخصية، وجها لوجه.. إذ أننا لا يمكن أن ننتظر من حكومة الإمام، التي هي على الفرض حكومة الحق، والعدل: أن تقرهم على ما هم عليه، فضلا عن أن توفر لهم الحماية لتصرفاتهم المشبوهة، وغير المنطقية، بل حتى ولا الأخلاقية أيضا.
إن حكومة الإمام (ع)، إذا أرادت أن تقوم بعمل أساسي في سبيل استئصال كل جذور الانحراف والفساد.. فإن عليها أولا، وقبل كل شئ، أن تقوم بقطع أيدي أولئك الغاصبين لأموال الأمة، والمتحكمين بمقدراتها. وإبعاد كل أولئك الذين كانوا يستغلون مناصبهم، التي وصلوا إليها عن طريق الظلم، والغطرسة، والابتزاز - يستغلونها - لمآربهم الشخصية، وانحرافاتهم اللاأخلاقية.
ثم. قطع أعطيات ذلك الفريق من الناس، الذين كانوا يعيشون على حساب الأمة، ويأكلون خيراتها. ثم لا يقومون في مقابل ذلك بأي عمل، أو نشاط يذكر.