يصلي في بيت المال ركعتين شكرا لله، بعد فراغ المال منه. وكان يقول: " إليك عني يا دنيا غري غيري، أبي تعرضت؟! الخ.. " وهو الذي قال فيه عدوه معاوية: " لو كان له بيتان: بيت من تبر، وآخر من تبن، لأنفق تبره قبل تبنه. ". إلى غير ذلك مما لا مجال لنا لتتبعه واستقصائه..
العلويون يدركون نوايا المأمون:
إن نوايا المأمون تجاه العلويين، ومحاولاته لإسقاطهم اجتماعيا، وابتزازهم سياسيا.. حتى إذا أخفق في ذلك راح يختلهم واحدا فواحدا، كلما واتاه الظرف، وسنحت له الفرصة.. لم يكن العلويون يجهلونها، بل كانوا يدركونها كل الادراك، ولم تكن تخدعهم تلك الشعارات والأساليب المبهرجة. وحسبنا هنا أن نذكر في مقام التدليل على هذا: أن المأمون كتب لعبد الله بن موسى، بعد وفاة الرضا، يعده بأنه يجعله ولي عهده، ويقول له: " ما ظننت أن أحدا من آل أبي طالب يخافني بعد ما عملته بالرضا ".
فأجابه عبد الله يقول: " وصل إلي كتابك، وفهمته، تختلني فيه عن نفسي مثل القانص، وتحتال علي حيلة المغتال، القاصد لسفك دمي.
وعجبت من بذلك العهد، ولايته لي بعدك، كأنك تظن: أنه لم يبلغني ما فعلته بالرضا؟! ففي أي شئ ظننت أني أرغب من ذلك؟ أفي الملك الذي غرتك حلاوته؟!. إلى أن يقول: أم في العنب المسموم الذي قتلت به الرضا؟! ". ويقول له أيضا - والظاهر أنه نص آخر للرسالة -: " هبني لا ثأر لي عندك، وعند آبائك المستحلين لدمائنا الآخذين حقنا، الذين جاهروا في أمرنا، فحذرناهم. وكنت ألطف حيلة منهم، بما استعملته من الرضا بنا، والتستر لمحننا، تختل واحدا،