الدولة، فقد تقدم ما يدل على حقيقة موقفهم منه، ومن نظام حكمه.
وقد كتب المأمون نفسه بخط يده، في وثيقة العهد للإمام يقول:
".. ودعا أمير المؤمنين ولده، وأهل بيته، وقواده، وخدمه، فبايعوا مسارعين.. إلى أن قال: فبايعوا معشر أهل بيت أمير المؤمنين، ومن بالمدينة المحروسة، من قواده، وجنده، وعامة المسلمين لأمير المؤمنين، وللرضا من بعده، علي بن موسى.. " والوثيقة مذكورة في أواخر هذا الكتاب.
فقوله: " لأمير المؤمنين، وللرضا من بعده. " يدل دلالة واضحة على أن عامة المسلمين ما كانوا قد بايعوا بعد: " لأمير المؤمنين "، فضلا عن: " أهل المدينة المحروسة.. ".
وحتى لو أنهم كانوا قد بايعوا له، فإن بيعتهم هذه، وجودها كعدمها، إذ أن عصيانهم، وتمردهم عليه، وعلى حكمه، لم يكن ليخفى على أحد.. بعدما قدمناه من ثوراتهم تلك. التي كانت تظهر من كل جانب ومكان. وكان كلما قضى على واحدة منها تظهر أخرى داعية لما كانت تدعو إليه تلك، أي إلى: " الرضا من آل محمد "، أو إلى أحد العلويين، الذين يشاهد المأمون عن كثب قدرتهم، وقوتهم، ونفوذهم الذي كان يتزايد باستمرار يوما عن يوم.. ولم تستقم له في الحقيقة سوى خراسان.
نعم بعد أن عاد إلى بغداد، وكان قد قوي أمره، واتسع نفوذه، بدأ الناس يبايعونه في الأقطار، ويتعللون بأن امتناعهم إنما كان ظاهريا، وأنهم كانوا في السر معه، وعلى ولائه، على ما صرح به اليعقوبي في تاريخه.