فقال لهم: ويحكم اني أعرف بهذا الفتى منكم وان هذا من أهل بيت علمهم من الله تعالى ومواده وإلهامه ولم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين والأدب عن الرعايا الناقصة عن حد الكمال فان شئتم فامتحنوا أبا جعفر بما يتبين لكم به ما وصفت لكم من حاله.
قالوا: لقد رضينا يا أمير المؤمنين ولأنفسنا بامتحانه فخل بيننا وبينه: لننصب من يسأله بحضرتك عن شئ من فقه الشريعة فان أصاب في الجواب عنه لم يكن لنا اعتراض في حقه وظهر للخاصة والعامة سديد رأي أمير المؤمنين فيه وان عجز عن ذلك فقد كفينا الخطب في معناه.
فقال لهم المأمون: شأنكم وذلك متى أردتم.
فخرجوا من عنده واجتمع رأيهم على مسألة يحيى بن اكتم على أن يسأله مسألة لا يعرف الجواب فيها ووعدوه بأموال نفيسة على ذلك وعادوا إلى المأمون فسألوه أن يختار لهم يوما للاجتماع فأجابهم إلى ذلك.
واجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه وحضر معهم يحيى بن اكتم وامر المأمون ان يفرش لأبي جعفر عليه السلام دست ويجعل فيه مسورتان ففعل ذلك وخرج أبو جعفر عليه السلام وهو ابن تسع سنين فجلس بين المسورتين وجلس يحيى بن اكتم بين يديه فقام الناس في مراتبهم والمأمون جالس في دست متصل بدست أبي جعفر عليه السلام.
فقال يحيى بن اكتم للمأمون: أتأذن لي يا أمير المؤمنين ان أسأل أبا جعفر عن مسألة؟