النص على أمير المؤمنين (ع) - السيد علي عاشور - الصفحة ١٨١
- وإن شئت قلت: إن الانسان إذا تصف بالشجاعة والعلم والزهد...
فإنه يصح ان يقال عنه: فلان شجاع أو عالم، فإذا كان علمه أو شجاعته أكثر من غيره فإنه نقول: فلان أشجع وأعلم، فإذا قيل ذلك صح ان يقال: ان فلان أفضل من غيره في الشجاعة والعلم ونحوهما.
وعليه: وبما أن اتصاف الانسان بالشجاعة والعلم والزهد ونحوهم سوف يستتبع عملا خارجيا يجسده صاحبه، فان ذلك بنفسه يستلزم زيادة الثواب والأجر عند الله تعالى.
فمثلا إذا كان فلان اشجع اهل زمانه، فإنه سوف ينصر دين الله بهذه الشجاعة، وسوف يبلي بلاء حسنا في سبيل الله، ويدافع عن الاسلام أكثر من غيره، وهذا معنى زيادة الثواب لعمله.
وأوضح منه من كان أعبد اهل زمانه، فان أجره وثوابه مضاعف عمن دونه من العبادة للأعمال التي يقوم بها، ولصدق نيته الخالصة لله تعالى.
والخلاصة: ان الأفضل من يمتلك مزايا وخلالا أكثر من غيره، وهذا بنفسه يستلزم ويستوجب زيادة الثواب والقرب المطلق من الباري عز وجل.
* خامسا: أن الأفضل هل من يمتلك الحظ الأوفر في كل المزايا أم في قسم منها؟
ومن الواضح كون الأفضل أفضل في كل شئ، لأن الأفضل إذا كان أفضلا في بعض الأمور وفي البعض الآخر مفضولا لكان غيره فيها أفضل منه وهو خلف.
فالقانون الأساسي الذي يتحكم بالأفضلية، هو كل المزايا والصفات الحميدة التي يحملها أو يحل بها أو يتصف بها، أو الاعمال التي يقوم بها على طبق عمله المستتبع للثواب.
وعليه فلا مانع من وجود من يكون أفضل من بعض أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا كان يملك صفات أفضل ومزايا أعظم.
* (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) * (1).
وهذا لا يلغي فضل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا المعيار ليس هو مجرد الصحبة وإلا لكان من صحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو منافق، أو ارتد فيما بعد، أفضل من المؤمن العابد الزاهد

(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»