الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب - السيد فخار بن معد - الصفحة ١٦٤
بحسب الظاهر، كميراث المسلم للمسلم.
وأما السنة: فاتفاق أهل البيت - صلوات الله عليهم -، وإجماعهم على أن المسلم يرث الكافر وأن الكافر لا يرث المسلم، وإجماعهم - صلوات الله عليهم - حجة قاطعة، ودلالة فاصلة لأدلة صحيحة، لولا الخروج عما نحن بصدده ذكرناها ههنا، غير أنها مشروحة مبينة في تصانيف أصحابنا فمن أرادها وقف عليها، وقول النبي (ص): (الاسلام يعلو ولا يعلى) (1) وقوله عليه السلام: (الاسلام يزيد ولا ينقص) (2). وما شاكل ذلك.
فأما ما تعلق به المخالف من الحديث الذي يروي عن النبي (ص) من قوله: (لا توارث بين أهل ملتين) فإنا نقول بموجبه لان التوارث تفاعل وهو مقتضى أن يكون كل واحد يرث صاحبه، وإذا ذهبنا إلى أن المسلم يرث الكافر فما أثبتنا بينهما توارثا ألا ترى أن العرب إذا ضرب زيد عمروا " لا يقولون: تضارب زيد وعمرو، وإنما يقولون: ضرب زيد عمروا " فإذا ضرب كل واحد منهما صاحبه. قالوا: تضارب زيد وعمرو. فعلى هذا صح لنا العمل بالخبر المذكور.
وقد روى المخالفون القول بموافقة أهل البيت عليهم السلام في ذلك، عن علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام، ومحمد بن الحنفية (3) رضي الله عنه ومحمد بن علي الباقر عليه السلام، ومسروق

(١) أورده المناوي في (فيض القدير: ١٧٩ / ٣) عن قتادة والطبري وقال:
(قال القرطبي وغيره: ان الحديث لا تعلق له بالإرث.
(٢) أورده المناوي في المصدر السابق أيضا ". وقال: (وعرف ان الحديث ليس نصا في توريث المسلم من الكافر).
(٣) محمد بن علي بن أبي طالب (ع)، يكنى أبى القاسم، اختلف في عام ولادته ذهب الخطيب الهاشمي: انه عام ١٥ ه‍ في المدينة، ينسب إلى أمه خولة بنت جعفر بن قيس المنتهى نسبه إلى بكر بن وائل، وصفته المصادر بأنه أحد الابطال الأشداء في صدر الاسلام، وقال أبو نعيم: (وكان ورعا " واسع العلم، وقال ابن حبان: كان من أفاضل أهل بيته، وجاء في وصفه: (الامام اللبيب، ذو اللسان الخطيب، الشهاب الثاقب، والنصاب العاقب صاحب الإشارات الخفية، والعبارات الجلية). وقال إبراهيم بن الجنيد: (لا نعلم أحدا " أسند عن علي (ع) عن النبي (ص) أصح مما أسند محمد).
كان من الشجعان المشهورين، والأقوياء المعروفين، وكان أمير المؤمنين علي عليه السلام يزجه في صميم الحروب، فقيل له: (لم يغرر بك أبوك في الحرب ولا يغرر بالحسن والحسين عليهما السلام، فقال إنهما عيناه، وانا يمينه. فهو يدفع عن عينيه بيمينه)، وقال علي عليه السلام: (محمد ابني، والحسن والحسين ابني بنت رسول الله، وأين يقع ابني من ابني بنت رسول الله (ص) وقال أبو نعيم: منعه ابن الزبير من أن يدخل مكة حتى يبايعه فأبى ان يبايعه، وأراد الشام ان يدخلها فمنعه عبد الملك بن مروان ان يدخلها حتى يبايعه فأبى. وموقفه يوم الجمل معروف ومشهور، قال خزيمة بن ثابت لعلي عليه السلام: اما انه لو كان غير محمد لافتضح ولئن كنت خفت عليه الجبن وهو بينك وبين حمزة وجعفر لما خفناه عليه، وان كنت أردت ان تعلمه الطعان فطالما علمته الرجال. وقالت الأنصار: يا أمير المؤمنين لولا ما جعل الله تعالى للحسن والحسين عليهما السلام لما قدمنا على محمد أحدا من العرب. وقال خزيمة بن ثابت فيه:
محمد ما في عودك اليوم وصمة * ولا كنت في الحرب الضروس معردا أبوك الذي لم يركب الخيل مثله * علي وسماك النبي محمدا " فلو كان حقا " من أبيك خليفة * لكنت ولكن ذاك ما لا يرى بدا وأنت بحمد الله أطول غالب * لسانا " وأنداها بما ملكت يدا وأقربها من كل خير تريده * قريش وأوفاها بما قال موعدا وأطعنهم صدر الكمي برمحه * وأكساهم للهام عضبا مهندا سوى أخويك السيدين كلاهما * امام الورى والداعيان إلى الهدى أبى الله ان يعطى عدوك مقعدا " * من الأرض أو في الأوج مرقى ومصعدا توفي بالمدينة عام: ٨٠ وقيل: ٨١، وله ٦٥ سنة ودفن بالبقيع. واليه ترجع فرقة الكيسانية إذ تقول بإمامته، وقد أعلن مرات عديدة طاعته للإمام الحسين وانه امام مفروض الطاعة عليه، ليرد القائلين بإمامته. راجع (حلية الأولياء:
١٧٤ / ٣، صفوة الصفوة ٤٢ - ٤٣ / ٢، شرح النهج: ٨١ - ٨٢ / ١، تهذيب التهذيب: ٣٥٤ / ٩، البداية والنهاية: ٣٨ / 9، محمد بن الحنفية 2 - 25).
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 161 162 163 164 166 167 168 169 170 ... » »»