الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب - السيد فخار بن معد - الصفحة ١٤٤
الفصل الثاني جهل وتضليل:
وأماما ذكره المخالفون، ورواه المتحاملون من أن النبي صلى الله عليه وآله كان يحب عمه أبا طالب رضي الله عنه، ويريد منه أن يؤمن به وهو لا يجيبه إلى ذلك، فأنزل الله تعالى في شأنه ﴿إنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء﴾ (1) الآية. فأنه جهل بأسباب النزول

(١) القصص: ٥٦. ذهب أغلب مفسري العامة ورواتهم على أن الآية المذكورة نزلت في أبي طالب عندما طلب منه رسول الله - وهو على فراش الموت - ان يقول كلمة الشهادة فامتنع فنزلت هذه الآية.
قال الرازي: (قال الزجاج: أجمع المسلمون على انها نزلت في أبي طالب قال عند موته: يا معشر بني عبد مناف أطيعوا محمدا " وصدقوه تفلحوا وترشدوا. فقال عليه السلام: يا عم تأمرهم بالنصح لأنفسهم وتدعها لنفسك قال: فما تريد يا بن أخي؟ قال: أريد منك كلمة واحدة - فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا - ان تقول:
لا إله إلا الله اشهد لك بها عند الله تعالى، قال: يا بن أخي قد علمت أنك صادق ولكني أكره ان يقال جزع عند الموت ولولا أن يكون عليك وعلى بني أبيك غضاضة ومسبة بعدي لقلتها، ولا قررت بها عينك عند الفراق لما أرى من شدة وجدك ونصحك، ولكني سوف أموت على ملة الأشياخ عبد المطلب، وهاشم وعبد مناف) عن (التفسير الكبير ٢ / ٢٥) فأنزل الله الآية: (إنك لا تهدي من أحببت... الخ).
وقبل ان نبحث صحة هذا الادعاء أو فساده نود ان نعرض لرواة هذا الحديث ثم بعد ذلك نبحث في شؤون الآية. وتكاد تنحصر الطرق التي روت هذه الآية بأنها نزلت في أبي طالب بالأسلوب المتقدم بما يلي:
مع رواة الحديث:
١ - ما رواه البخاري في (صحيحه ١٠٧٤ / ٣ ط الميمنة بمصر) عن أبي اليمان عن شعيب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه.
٢ - ما رواه مسلم في (صحيحه: ٤٠ / ١، ط مصر صبيح: ١٣٢٤):
آ - عن حرملة بن يحيى التجيبي، عن عبد الله بن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه.
ب - عن محمد بن حاتم بن ميمون، عن يحيى بن سعيد، عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة.
ج - عن محمد بن عباد، وابن أبي عمر، عن مروان، عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم، عن أبي هريرة.
٣ - ما رواه السيوطي في (الدر المنثور: ١٣٣ - ١٣٤ / ٥ / ط أوفست إيران).
آ - ما أخرجه أبو سهل السري بن سهل، عن أبي صالح عن ابن عباس. ب - ما أخرجه أبو سهل - أيضا " - عن عبد القدوس، عن نافع، عن ابن عمر.
وقد تكون هناك روايات من غير هذه الطرق.
ومن اجل ان نتعرف على هؤلاء الرواة من حيث الجرح والتعديل لنقف على مدى ما يتمتع به هؤلاء الراوون من الثقة والاعتبار نرى.
أولا - سلسلة رواية البخاري:
- ١ - أبو اليمان الهوزني، عامر بن عبد الله. قال الذهبي في (ميزان الاعتدال:
٥٨٩ / ٤) لينه ابن القطان، أرسل حديثا ".
٢ - شعيب: لم يعرف من هو المقصود بهذا الاسم فقد ذكر الذهبي في (ميزان الاعتدال: ٢٧٥ - ٢٧٨ / ٢) عددا بهذا الاسم، والغريب ان أغلبهم وصفوا بالضعف، والكذب، والجهالة، وان حديثهم غلب عليه الوهم وأمثال ذلك ولعل شعيبا " الوارد في سلسلة رواية البخاري من هؤلاء المذمومين.
٣ - الزهري: محمد بن مسلم. من الحاقدين على الإمام علي بن أبي طالب (ع) وقد وضعه ابن أبي الحديد في (شرح النهج: ٣٥٨ / ١) في قائمة الوضاعين أحاديث في ذم علي (ع)، يقول: (فقد روى الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: كنت عند رسول الله إذ اقبل العباس، وعلي، فقال: يا عائشة ان هذين يموتان على غير ملتي، أو قال: ديني).
وحديث آخر رواه الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة (قالت:
كنت عند النبي (ص) إذ اقبل العباس وعلي فقال: يا عائشة ان سرك ان تنظري إلى رجلين من أهل النار فانظري إلى هذين قد طلعا، فنظرت فإذا العباس وعلي ابن أبي طالب).
(وروى عبد الرزاق، عن معمر قال: كان عند الزهري حديثان عن عروة عن عائشة في علي عليه السلام فسألته عنهما يوما "، فقال: ما تصنع بهما وبحديثهما الله اعلم بهما لاتهمهما في بني هاشم).
وذكر ابن أبي الحديد في (شرح النهج: ٣٧٠ - ٣٧١ / ١) (وكان الزهري من المنحرفين عنه عليه السلام، وروى جرير بن عبد الحميد عن محمد بن شيبة، قال: شهدت مسجد المدينة، فإذا الزهري، وعروة بن الزبير جالسان يذكران عليا " عليه السلام فنالا منه، فبلغ ذلك علي بن الحسين عليه السلام فجاء - حتى وقف عليهما، فقال: اما أنت يا عروة فان أبي حاكم أباك إلى الله فحكم لأبي على أبيك، واما أنت يا زهري فلو كنت بمكة لأريتك بيت أبيك).
٤ - سعيد بن المسيب: وضعه ابن أبي الحديد في (شرح النهج: ٣٧٠ / ١) في قائمة المنحرفين عن علي (ع) يقول: (وكان سعيد بن المسيب منحرفا " عنه عليه السلام، وجبهه عمر بن علي عليه السلام في وجهه بكلام شديد. روى عبد الرحمن بن الأسود، عن أبي داود الهمداني، قال: شهدت سعيد بن المسيب، واقبل عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال له سعيد: يا بن أخي ما أراك تكثر غشيان مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله كما يفعل إخوتك وبنو أعمامك، فقال عمر: يا بن المسيب أكلما دخلت المسجد أجئ فأشهدك. فقال سعيد: ما أحب ان تغضب سمعت أباك يقول: ان لي من الله مقاما " لهو خير لبني عبد المطلب مما على الأرض من شئ، فقال عمر: وانا سمعت أبي يقول: ما كلمة حكمة في قلب منافق فيخرج من الدنيا إلا يتكلم بها، فقال سعيد: يا بن أخي جعلتني منافقا "، قال:
هو ما أقول لك ثم انصرف).
وروى ابن كثير في (البداية والنهاية: ١٣٩ - ١٤٠ / ٨) ان سعيد بن المسيب روى (من مات محبا " لأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وشهد للعشرة بالجنة، وترحم على معاوية!؟ كان حقا " على الله ان لا يناقشه الحساب).
وروي ان مالكا " عده من الخوارج الأباضية.
٥ - المسيب بن حزن: هو من (مسلمة الفتح) وقال مصعب الزبيري في (نسب قريش: ٣٤٥). ورث ولده منه (حزونة وسوء خلق) وقال ابن أبي حاتم:
في (الجرح والتعديل: ٢٩٣ / ٤ ق ١) في حديثه انقطاع. راجع (الإصابة ت ٧٩٩٧).
ولسنا نود ان نعلق بأكثر مما أوردنا عن سلسلة رواية البخاري في هذا الصدد فهل بعد أن وقفنا على أحوالهم نطمئن إلى أقوالهم بحق أبي طالب؟
ثانيا " - سلسلة رواية مسلم:
- أ - ١ - حرملة بن يحيى، أبو حفص التجيبي المصري: جاء في (ميزان الاعتدال: ٤٧٢ / ١ والجرح والتعديل: ٢٧٤ / ق ٢) (ولكثرة ما روى انفرد بغرائب. وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال بن عدي: سألت عبد الله ابن محمد الفرهاداني ان يملي علي شيئا " عن حرملة، فقال: هو ضعيف).
٢ - عبد الله بن وهب: قال الذهبي في (ميزان الاعتدال ٥٢١ - ٥٢٢ / ٢) (تناكد ابن عدي بايراده في الكامل، وسئل يحيى عن ابن وهب، فقال: أرجو ان يكون صدوقا ". وسئل الإمام أحمد: أليس كان يسئ الأخذ؟ فقال: بلى).
٣ - يونس: أوردت بعض المصادر عددا " بهذا الاسم ومن بينهم الكذوب والسئ الحفظ، والمجهول، ومنكر الحديث راجع (الجرح والتعديل: ١٨٩ / ٢ ق ٢) وميزان الاعتدال: ٤٧٧ - ٤٨٥ / ٤). ٤ - ابن شهاب: لا يوجد له ذكر في كتب الرجال.
٥ - ٦ - سعيد بن المسيب، وأبوه تقدم الحديث عنهما في سلسلة رواية البخاري.
ب - ١ - محمد بن حاتم السمين: قال الذهبي في (ميزان الاعتدال:
٥٠٣ / ٣) قال الفلاس: ليس بشئ. وقال يحيى، وابن المديني: هو كذاب.
(٢) يحيى بن سعيد: بهذا الاسم أورد الذهبي عددا " وكلهم من المناكير والضعفاء، والذي احتملته بعض المصادر ان يكون هو (يحيى بن سعيد التميمي المدني) قال البخاري، وأبو حاتم عنه: منكر الحديث، وقال النسائي: يروي عن الزهري أحاديث موضوعة. متروك الحديث، وقال معلى بن أسد: كان ممن يخطئ كثيرا ". راجع (ميزان الاعتدال: ٣٧٧ - ٣٨٠ / ٤ والجرح والتعديل: ١٥٢ / ٤ ق ٢) وقال الحجة المظفر في (دلائل الصدق: ٦٨ / ١) ان يحيى هو الذي يقول:
ان في نفسه شيئا " من جعفر الصادق (ع).
٣ - يزيد بن كيسان اليشكري الكوفي: قال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال يحيى بن سعيد القطان: ليس ممن يعتمد عليه. وادخله البخاري في كتاب الضعفاء. راجع (ميزان الاعتدال: 439 / 4 والجرح والتعديل: 285 / 4 ق 2) 4 - أبو حازم الأشجعي: مجهول لم يرد له ذكر سوى ما قال عنه الذهبي في ميزان الاعتدال: 439 / 4) في ذكر يزيد بن كيسان روى عن أبي حازم الأشجعي.
5 - أبو هريرة: قال أبو جعفر الإسكافي كما جاء في (شرح النهج:
360 / 1) (وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا غير مرضي الرواية، ضربه عمر بالدرة، وقال: قد أكثرت الرواية وأحرى بك ان تكون كاذبا " على رسول الله).
(وروى سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم التميمي قال: كانوا لا يأخذون عن أبي هريرة الا ما كان من ذكر جنة أو نار).
(وروى عن علي عليه السلام انه قال: الا ان كذب الناس أو قال:
أكذب الاحياء - على رسول الله (ص) أبو هريرة الدوسي).
وروى أبو يوسف (قال: قلت لأبي حنيفة الخبر يجئ عن رسول الله (ص) يخالف قياسنا ما تصنع به، قال: إذا جاءت به الرواة الثقات عملنا به وتركنا الرأي فقلت: ما تقول في رواية أبي بكر وعمر، فقال: ناهيك بهما، فقلت: علي وعثمان قال: كذلك فلما رآني أعد الصحابة. قال: والصحابة به كلهم عدول ما عدا
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 144 154 155 156 157 ... » »»