إن تلك الحصون المليئة بالشر والخراب لم تتهاو إلا بعد جهد جهيد وسيل جارف من الدماء الطاهرة التي لا توزن بها الجبال، من رجال أوقفوا أنفسهم وأرواحهم من أجل هذا الدين وصاحبه صلى الله عليه وآله وسلم.
استطاع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقيم حكومة الله تعالى في الأرض وأن يثبت فيها الأركان على أساس الواقع والوجود، فلم تجد آنذاك كل قوى الشر بدا من الاختباء في زوايا العتمة والظلام تتحين الفرص السانحة والظروف الملائمة للانقضاض على هذا البنيان الذي بدأ يزداد شموخا وعلوا مع تقادم السنين.
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدرك عيانا أن نقطة ضعف هذه الأمة يكمن في تفرقها وفي تبعثر جهودها مما سيمكن من ظهور منافذ مشرعة في هذا البنيان الكبير لا تتردد أركان الكفر وأعداء الدين المتلونين والمتسترين من النفوذ خلالها والتسلل بين أهلها، وفي ذلك الخطر الأكبر. ولذا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصرح ويحذر من افتراق أمته، ويلوح للمفترقين بالنار والجحيم.