قطعت، فأخذه بشماله حتى قطعت، فاحتضنه بعضديه حتى استشهد.
وتلقى اللواء من بعده (عبد الله بن رواحة) فما تخلى عنه حتى استشهد، فكانت له إحدى الحسنيين التي أراد.
واختار المسلمون (خالد بن الوليد قائدا)، فلم ير أن يعرض جنده للهلاك، وظل يدافع الروم في بسالة ومهارة وهو ينحاز بجنده حتى نجا بهم، لم يتركوا من ورائهم غير ثمانية شهداء، كانت دماؤهم الزكية هي التي مهدت أرض الشام للفتح الاسلامي بعد نحو عشر سنين!
استقبلت المدينة الجيش العائد من مؤتة بالغضب والانكار، وجعل الناس يحثون التراب على جنود خالد بن الوليد ويقولون:
- يا فرار، فررتم في سبيل الله؟
والمصطفى يرد عنهم الناس ويقول:
(ليسوا بالفرار، ولكنهم الكرار إن شاء الله) ويمضي وقت، نحو شهرين: جمادى الآخرة ورجب، في بطء مرهق بالتوتر، وعلى الأفق نذر.
لم يكن هناك يهود يلوكون حديث مؤتة، ولكن المنافقين كانوا هناك في صميم المجتمع المدني، لا يكتمون شماتتهم ولا يكفون عن سخرية بما حسبوه تطاولا من المؤمنين إلى تخوم الروم.
وقريش تزداد حمقا وتطاولا، فتظاهر بكرا على خزاعة وترفدها