لم يلبثوا بوسوسة من يهود، أن شغلوا المجتمع الاسلامي عنهم بفرية الإفك، التي هزت المدينة هزا هزا لمدى شهر كامل من أيام شعبان ورمضان من السنة السادسة للهجرة.
قبلها كان النبي عليه الصلاة والسلام قد خرج غازيا إلى بني المصطلق، وصحبته أم المؤمنين السيدة عائشة بنت الصديق. وفي طريق العودة أناخ الركب قرب المدينة فباتوا بعض الليل ثم ارتحلوا، وما يدرون أن أم المؤمنين تخلفت عنهم، حتى افتقدوها في هودجها حين بلغوا المدينة في الصبح.
وقبل أن يشتد القلق عليها، وصلت على بعير يقوده (صفوان ابن المعطل السلمي) وحدثت زوجها المصطفى عن سبب تخلفها فما أنكر منه شيئا:
كانت قد خرجت من هودجها من العسكر لبعض حاجتها، قبل أن يؤذن فيه بالرحيل. وكان في عنقها عقد من جزع انسل منها فالتمسته حتى وجدته، واتجهت إلى هودجها فإذا الركب قد رحلوا واحتملوه، لم يحسوا أنها ليست فيه، لخفة وزنها.
تلفعت بجلبابها وانتظرت في مكانها واثقة أنهم لن يلبثوا أن يفتقدوها فيرجعوا إليها. وحدث أن مر بها (صفوان) فأنكر أن يتركها وحدها في الخلاء، وقدم بعيره إليها ثم استأخر عنها حتى ركبت، فانطلق يقود بها حتى أبلغها مأمنها في المدينة.
ونسج المنافقون واليهود فرية الإفك، من هذا الحادث العارض.