فكأنما كانوا في خروج الجلاء، في ضغطة الحشر! وصدق الله تعالى:
(هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار.
ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار * ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب *).
خانهم المعهود من حذرهم، فسعوا إلى حتفهم بأظلافهم ومخالبهم!
لقد ضاقوا بطول الانتظار، وعدوهم نبي الاسلام يبدو كمن لا يقهر، وإنه ليوشك أن يقذف بهم إلى تيه تشردهم القديم، بعد أن طاب لهم المقام في مستعمراتهم بالأرض الطيبة، شمال الحجاز، أكثر من خمسة قرون.
أزمة (أحد) لم تكسر من معنوية جنوده، بل أعطتهم الدرس والعبرة، وزادتهم إيمانا وثباتا وإصرارا.
وقريش تبدو حذرة مترددة، وتود لو أعفتها الظروف من الصدام مع جند الاسلام، خوفا من أن يضيع النصر الذي اختطفته في (أحد) من حيث توقعت أن تبوء بالهزيمة والعار.