في خشوع، رجع المصطفى وجنده إلى المدينة، فدخل المسجد وصلى بهم قاعدا، من أثر الجراح التي أصابته في أحد.
وذهبت أحد عبرة ومثلا:
(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا، وسيجزي الله الشاكرين * وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا، ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها، ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها، وسنجزي الشاكرين).
(صدق الله العظيم) اكتفى المشركون بنصرهم المخطوف يوم أحد.
وابتدروا الطريق عائدين إلى مكة، لا يكادون يصدقون ما كان.
وفرغ المسلمون لقتلاهم الشهداء، فمضى المصطفى يلتمس عمه الفارس الشهيد (حمزة بن عبد المطلب) فوجده هناك ببطن الوادي، قد اغتالته حربة غادرة، سددها إليه (وحشي، مولى جبير بن مطعم)، وجاءت (هند بنت عتبة، زوج أبي سفيان) آكلة الأكباد، فرقصت على مصرع الفارس الشهيد ومثلت بجثته أبشع تمثيل: بقر بطنه عن كبده فلاكتها، وجدع أنفه وأذناه فاتخذت منها حليا، بدلا من حليها التي دفعتها إلى (وحشي) من ثمن الصفقة الغادرة.
قال عليه الصلاة والسلام حين رأى ما رأى: (لن أصاب بمثلك