وتتداخل هذه الجبهات زمانا ومكانا، فيزداد الموقف تعقيدا وصعوبة وحرجا، من حيث لا يستطيع المؤمنون أن يتفرغوا للجهاد في إحدى الجبهات ثم ينتقلوا إلى أخرى منها فيكون الامر عليهم أخف عبئا وأيسر مشقة.
وكذلك يشق علينا، فيما نحاول من متابعة المسير مع المصطفى في دار هجرته، أن نمضي مع الاحداث من موقع إلى اخر في ميدان المعركة الكبرى المعقدة، بمعزل عن غيره من المواقع.
ويمكن القول مع ذلك، إن الجبهة اليهودية بدأت تشحذ أسلحتها المسمومة لحرب الاسلام، من أول يوم للهجرة.
بينما تأخر الصدام المسلح مع الوثنية القرشية، ريثما يتحدد مجاله ما بين مكة والمدينة، ويتم التأهب له والاحتشاد، فلم يبدأ إلا في السنة الثانية للهجرة.
وكذلك تأخر ظهور الجيوب الخطرة للمنافقين، ريثما سرى فيها سم الشيطان بطيئا خفيا لم يكد يلحظ إلا بعد أن ضري واستشرى، يهدد الوجود الاسلامي في أحرج المواقف.
ذلك كله مما كان يدخل في حساب التاريخ، حين بدا ظاهر الامر أن مكة وحدها هي مركز الخطر على الاسلام، وأن له في يثرب مأمنا من كل خطر.
فلنمض مع الاحداث إلى حيث نرقب منطق الحرب في الجبهة اليهودية التي لم تطق الصبر على الاسلام منذ تحول إلى دار الهجرة،