فهب مشركو الخزرج يحلفون لهم أنه ما كان من ذلك شئ، وما علموه.
ولم يطمئن القرشيون، بل ذهبوا إلى (عبد الله بن أبي بن سلول الخزرجي). وكان يمني نفسه بملك يثرب تؤازره يهود. فسأله فأنكر الامر كله إنكارا باتا، وقال لقريش:
(إن هذا الامر لجسيم، ما كان قومي ليتفوتوا علي بمثله، وما علمته كان).
وانصرفوا وما يزال في نفوسهم ريب مما بلغهم من الامر الجسيم، فما زالوا يتثبتون حتى علموا يقينا أنه قد كان لقاء في العقبة على موعد بين محمد وأنصاره، وأن بضعة وسبعين يثربيا من الأوس والخزرج قد بايعوه، وأن أحد نقبائهم قال له فيما قال:
(نعم والذي بعثك بالحق لنمنعنك. فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أبناء الحروب وأهل الحلقة، ورثناها كابرا عن كابر).
وكرت قريش راجعة إلى منزل الحجاج من يثرب، فإذا بهم قد شدوا رحالهم وأبعدوا في طريقهم إلى شمال الحجاز.
والاسلام معهم، قد بدأ ببيعة العقبة الكبرى مرحلة جديدة مؤذنة بتحول حاسم في اتجاه الاحداث:
في قلب الحجاز معقل الوثنية القرشية والعربية، وفي الشمال، بيثرب وما حولها، وكانت حتى ذلك الحين معقلا ليهود.