في التعاقد عليه منفعلين بعاطفة الجماعة وغريزة القطيع. وقد صبروا عليه طويلا مكرهين، حتى بلغ ذروته القاسية في مثل ما كان من أبي جهل بن هشام مع حكيم بن حزام.
وكان أول من تكلم في الحلف وسعى في نقضه (هشام بن عمرو ابن ربيعة العامري) وكانت تربطه بالهاشميين صلة رحم، فهو ابن أخي نضلة بن هاشم، لامه. وقد دأب طول مدة الحصار، على أن يصلهم. فكان يأتي ليلا بالبعير قد أوقره طعاما أو ثيابا، حتى إذا بلغ به مدخل الشعب خلع خطامه من رأسه وضربه على جنبه، فيدخل البعير الشعب على من فيه، بما يحمل.
فلما طال عليهم جهد الحصار، مشى هشام بن عمرو بن ربيعة العامري، إلى (زهير بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي زاد الركب) وأمه عاتكة بنت عبد المطلب، عمة المصطفى.
قال له هشام:
(يا زهير، أقد رضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء، وأخوالك حيث علمت، لا يباعون ولا يبتاع منهم، ولا ينكحون ولا ينكح إليهم؟ أما إني أحلف بالله أن لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم، ما أجابك إليه أبدا).
ففكر زهير مليا ثم سأل:
(ويحك يا هشام، فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد. والله لو كان