وكذلك فشلت كل المفاوضات مع أبي طالب، ليكف عنهم ابن أخيه أو يخلي بينهم وبينه.
والاسلام يفشو في القبائل، وزعامة قريش تهتز وتترنح، وتوشك أن تفقد سيطرتها على الموقف، وقد اعتز الاسلام بحمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب، ومثلهما في الرجال قليل.
وهذا النجاشي يفتح بلاده لمن يهاجر من المسلمين، ويؤمن كل من يلجأ إليه منهم، ويأبى أن يمسهم أذى في جواره.
وبدأت قريش تتأهب لجولة حاسمة، ولمح أبو طالب نذر الشر فدعا عشيرته الأقربين إلى منع محمد - صلى الله عليه وسلم - والقيام دونه، فأجابوه، إلا أبا لهب، عبد العزى ابن عبد المطلب بن هاشم.
لكن قريشا، وقد عيل صبرها من صبر المسلمين، كرهت أن تخوض حربا مسلحة مع آل عبد المطلب وبني هاشم، وهم من صميمها.
واستقر الرأي بعد طول مداولات، على أن تفرض عليهم حصارا اقتصاديا واجتماعيا لا يرحم.
واجتمع زعماء قريش فائتمروا فيما بينهم على مقاطعة بني هاشم:
لا يصهرون إليهم ولا يبيعونهم شيئا ولا يبتاعون منهم. وسجلوا حلف التعاقد في صحيفة علقوها في جوف الكعبة، توثيقا لحرمتها وتوكيدا على أنفسهم في التزامها (1).